الأحد، 9 مارس 2014

الترغيب والترهيب للأمرالإلهي..ماهي مساحة إمتثاله



أدرك الإنسان بشعوره و بوجدانه أن لديه مجموعة من القوى والرغبات في أعماق جبلته ..هذه القوى هي المحرك والدافع لأفعاله الخارجية والتي يديم بها وجوده وتكاثره ..ومنها ما يدعوه لحفظ أبناء نوعه وجنسه .
هذه القوى هي الغرائر والشهوات..وكيف لايكون غاية الخالق تعالى أن يديم الإنسان وجوده في هذه الحياة ولا يبعث في اعماقه ما يدفعه ويحركه نحوها؟
وحينما تأمل الإنسان فيما حوله فتصور وأدرك أن لهذا الكون خالق هو الله تعالى.. وآمن بعد ذلك بأنه المولى الحقيقي الذي تجب طاعته..ومقتضى طاعته أن له أوامر ونواهي يجب الالتزام بها.
فتساءل : هل تكاليف الخالق تشمل تلك القوى الكامنة في اعماق النفس؟أم تشمل فقط الفعل المنبعث والمنفعل منها-أي الغرائر-؟وما هو الدليل على ترجيح احدهما على اللآخر؟
فهل التكاليف الإلهية من الأوامر والنواهي والتي يتفرع عليها الترغيب والترهيب تقع ويكون موضوعها الشهوات والغرائز ..أم هي-التكاليف والإلتزامات الإلهية- خارج عن تلك الغرائز والشهوات؟ وإنما التكليف يشمل الفعل الإرادي والاختياري المتولد والمنفعل من هذه الشهوات والغرائز فقط؟
إن الأحكام الشرعية - من الوجوب والحرمة  وغيرها - والتي تصدر من المشرع الحكيم تكون دائرة امتثالها للإنسان هوما كان داخل تحت فعله الإرادي والاختياري ؛للقاعدة العقلية القطعية استحالة التكليف بغير المقدور..فدائرة المشرع  للإحكام - بماهومشرع لابماهوخالق- هي الأفعال الإرادية فقط لاغيرها.أما القضايا التكوينية من الشهوات والغرائز فلا تطالها يد التكليف ؛لأنها خارجة عن  إرادة الإنسان واختياره  للقاعدة العقلية المتقدمة .
فحب الإنسان للجمال الذي فطرعليه يدفعه ليتعلق به حتى يصل عند بعضهم إلى الهيام والجنون ..والوجدان حاكم وشاهدعلى ذلك - وإن  كان الامرمتفاوت بين الناس ونسبي- وبغض النظر عن القصص و اشعارالمتغزلين بمن عشقو النساء .وكذلك سوء الظن  ايضا فحينما يرى الإنسان منظرا ومشهدا يدعوه إلى الريبة والاستغراب تتحرك مخيلته بالتحليل والاستنتاج لما رآه .لإن ما يرد على قلب الإنسان قبل صدور الفعل والانفعال المتأثربالغرائز في الخارج مجموعة أمور:
1-حديث النفس بهذا الفعل الغرائزي والشهوي أومأ يسمى بالخاطر.
2-تصورالفوائدالمترتبة على هذا الفعل.
3-التصديق بأن هذه الفوائد تترتب عليه - أي الفعل الغريزي-.
4-هيجان الرغبة النفسية إلى ذلك الفعل أو المسمى بالميل النفسي.
فهذه النقاط الأربع ليست اختيارية وإرادية ..يأتي من بعدها التحرك العضلي والجوارحي  وهو فعل يصدربإ رادة  الإنسان واختياره .

اذن هل يشمل النهي والترهيب  سوء الظن وحب  الجمال وعشقه القلبي ؟والجواب:كلا.إن الموردين - وكل شيء أوجده الله تعالى تكوينا- لم يكن للإنسان إرادة وأختيارفيهما فلا يشملهما الترغيب والترهيب ؛لأن التكاليف التي تصدرمن المشرع بما هومشرع موضوعها الإرادة والاختيار؛لأن العقل القطعي يحكم ويدرك باستحالة التكليف بغير المقدور.وهنا لاتوحد للإنسان القدرة على الترك والابتعاد عن الفعل المنهي عنه والعقل يستقبح عقوبة مالاطاقة للإنسان على فعله وعمله اوتركه.فالنهي عن الفعل الذي تترتب عليه الموآخذة والعقوبة هوالعمل الارادي الاختياري  المنفعل بالغرائر إذا رتب الاثر عليها- إي متعلقات حبه وسوء ظنه- من تشهيربمن أحب  مثيرا بذلك الريبة والفتنة،والخلوة معه،والتكلم بريبة  وشهوة . فهذه الأفعال منهي عنها في الشريعة.وكذلك ترتيب آثار سوء الظن من التشهير وغيرها.فكمال الإنسان بفعله الاختياري والإرادي الذي هو موضوع التكليف الإلهي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق