الثلاثاء، 20 يناير 2015

الإغتراب الفكري ..محنة الإنسان المعاصر

محنة الإنسان مع الإغتراب ليست بالجديدة بل هي قديمة بقدم وجوده في هذه الإرض ولكنها مُتفاوتة من حيث الشدة والضعف ..واُستعمل الإغتراب الجغرافي كمادة قانونية في نظام العقوبات من إبعاد الإنسان عن وطنه أو مسقط رأسه والمحل الذي يهوى البقاء فيه ..

وقد خففت التقنيات والإكتشافات العلمية الحديثة من التواصل الإجتماعي والأنترنت لحدٍ ما من هذا الإغتراب الجغرافي..ولكنها لم تساهم في  تخفيف محنته في الإغتراب الفكري وفهم الآخر,, بل  قد ساهمت في تعقيد المسألة ..فالتعصب وعدم الإنفتاح على الآخر محنة الإنسان المُعاصر ..

الخميس، 8 يناير 2015

حفريات في النصوص الفقهية ,,التعايش السلمي أنموذجاً


الباحث والمُتصيد في التراث الفقهي لمدرسة اهل البيت (ع) يجد الكثير من المفردات الثقافية والفكرية الحديثة في طيات وبحوث العلماء,, وإن لم يفرد لها باب مُستقل بهذا العنوان العصري ..فحقوق الإنسان والتعايش السلمي والتي اصبحت الشغل الشاغل في هذا العصر لما لها من وقع في النفوس نتيجة الممارسات الخاطئة من بعض الأفراد المحسوبين على الدين والشريعة ..وهي منهم بُراء.
سنتناول هنا مفردة على صغرها ولكن ما يترتب عليها شيء في غاية الأهمية ,,حيث ذكراالمحقق الحلي (رحمه الله )المتوفى676ه  كتابه الفقهي شرائع الإسلام ,,أنه قال:(وتضمن –الخمر-إذا غصبت من ذمي ,متستراً,ولوغصبها المسلم .وكذا الخنزير.)ص205ج4.
وذهب الشيخ محمد حسن النجفي المتوفى سنة 1266ه في كتابه جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام مُعلقاًعلى الرأي المُتقدم للمُحقق الحلي:(بإجماع الفرقة وأخبارها في محكي الخلاف بل قيل :إن الإجماع أيضاً ظاهرالمبسوط والسرائر والتذكرة)ص44ج37.
فالخمروالخنزير لامالية لهما في مدرسة اهل البيت (ع)..ولكن لوغصب المسلم الخمر والخنزير من الذمي وكان متستراً في شربه واكله لهما ..وقام المسلم بإتلافهما يجب عليه أن يدفع قيمتهما الى المُستحل لهما.. لواراد العوض والتغريم ..
فالعلامة لايتبنا نظرية نسبية الحقيقة والمعرفة ..إنما هي صورة مشرقة من صور التعايش السلمي..فامتلاك الحقيقة لايُلازم إلغاء خصوصيات الآخر,, وإن كانت خصوصيات الآخرلاقيمة لها. 

قِراءة في عمق الخبر,,التنظيمات الجهادية السلفية هل تقتل اتباعها وجنودها؟

             
 نقلت بعض وكالات الأنباء أن داعش قامت بإعدام بعض مُنتسبيها من الجاليات  الوافدة من الدول الغربية؛مُعلل ذلك بإنسحابهم من أرض المعركة أوعصيان الأوامرأوكشف التنظيم البعض ان البعض منهم يروم العودة لموطنهم الأصلي ,,ولست في مقام نفي أوإثبات الخبر,,إنما نسعى  لإثباته على ذلك  نحوالإمكان,, بإبراز قرائن وعوامل نفسية قد تكون صالحة لتأيد المدعى,, وقبل إبرازوذكر القرائن نذكر على نحو الإختصار بعض المُحفزات لتوجه ألى  مناطق الصراع التي يتواجد فيها التنظيم,,ومن تلك المُحفزات أن قدومهم (للجهاد) تحت شعار رُفع  (خلافة على منهاج السنة),, وغيرها من اساليب التغريرالمالي والتضليل الإعلامي,,وهذا المفهوم الذي طُرح (الخلافة الإسلامية) وقع الإشتباه في مصداقه الخارجي بالنسبة لبعض قادة التنظيم والسواد الأعظم من المقاتلين المنتمين للتنظيم,,وما أن وصلوا الى ارض العراق وسوريا وجدوا الكم الهائل من التناقضات ,,والتي قد تدوم وتبرر لفترة زمنية ما امام التعبد الأجوف بلوي وتحريف  الدليل القرآني والنبوي بحسب ما تشتهيه الأنفُس المريضة ,,ولكن حالات الإعدام الجماعي وقطع الرؤوس وتكفير وقتل من ينشق عنهم ويلتحق إلى حركة جهادية سلفية ثانية تنتمي لنفس مدرستهم الفقهية,,ولد لديهم حالة من التشكيك بأصل الدعوى والجهاد فضلاًعن تطبيقاته الخارجية,,فهم في الغرب يعيشون التطبيق العملي لحقوق الحيوان وكثرة التعامل اليومي مع الحيوانات برعاية خاصة سواء في الحالات الطبيعية اوعند الكوارث ,,فبقي هذا السلوك والفعل مخزون لديهم سواء بوعي أوبلاوعي,, قبلوا في البدء -وكما اسلفنا - بتصرفات وأفعال لاتنسجم مع الشعور الإنساني والبشري,, ولكن يبقى ضغط النفس الداخلي لهذه الأفعال المُشينة والتي يندى لها جبين الإنسانية الرحبة يُحرك بداخلهم ما عهدوه من تعاملهم هناك مِما هو ادنى من الإنسان بل لايكاد يقاس به,, وهوالسلوك السابق(التعامل مع الحيوانات بشفافية )بقي مخفي لحين  أن تأتي ساعة التمرد على افعال لاتنسجم مع الخط العام للتفكير العقلائي فضلاً عن مرادات الشريعة الإسلامية .

قد يكون هذا التحليل النفسي بخطه العام شاهد على الهروب الجماعي للمُنحدرين من الدول الغربية والتي تستخدمهم داعش وسيلة إعلامية لجذب (السياحة الجهادية).