الثلاثاء، 30 يناير 2018

هل قدم الموروث الشرعي تصور تفصيلي عن بناء الدولة؟

هل قدم لنا الموروث الشرعي تصور تفصيلي عن كيفية تركيب الدولة.. والقانون التفصيلة في ادارتها؟.
وفي حال عدم توفر هذا التفصيل..هل يُعتبر هذا نقص في الشرعية الإسلامية من عدم مواكب التطور؟.
المُتابع لمصادر المعرفة الإسلامية من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة لا يجد التفاصيل الجزئية لما هي عليه الآن في إدارة الدولة بشكلها الحالي ..من فصل السلطات وتشكيل الوزارات والهيئات وتقنيناتها..والقوانين التي تنظم علاقات الدول بعضها..والتشريعات الدولية العامة..بل اكتفت الشريعة الإسلامية بالمُحددات العامة والتي على ضوئها تحرك بعض الفقهاء في إثبات ولاية الفقيه العامة لإثبات الحكومة الإسلامية.
عدم الخوض  في هذه  التفاصيل الجزئية على أهميتها ألا  يستلزم نقص في الشريعة؟.
والجواب:لا يعتبر ذلك نقص؛ إذ أن الشريعة أخذت بعين الإعتبار أن تفاصيل وجزئيات  تكوين وإنشاء الدولة مُتغيرة بحسب الظروف والأسباب لذلك اكتفت بما يتماشى عليه العُقلاء وأهل التخصص  في هذا المجال..هذا من جهة ومن جهة أخرى هنالك مساحة يُمارس فيها الفقيه دوره بملء هذه المنطقة والتي عبر عنها السيد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله)بمنطقة الفراغ..وعلى هذا فعدم الخوض في تفاصيل وجزئيات بناء الدولة بشكلها الحالي والمُعاصر لا يُعتبر  خلل في المنظومة التشريعية الإسلامية ..بل هو صفة كمال؛ لما منحته للإنسان  من دور في نظم مجريات حياته بما يواكب مجريات والتغيرالحاصل من حوله..ولكن بشرط الحفاظ على الأطر القانونية والشرعية العامة والتي لا يُخالفها في عملية سن  القوانين والتشريعات.
قد يرد اعتراض واشكال مفاده..ألم يُؤسس الرسول الأكرم (ص)دولة في المدينة المنورة..فكيف يكون تراثنا الروائي خالي من جزئيا تها وتفاصيلها؟!. 

مما لاشكال فيه أن فعل الرسول والأئمة (صلوات الله عليهم)حجة بمعنى :ينبغي العمل على وفقه بعد ثبوته وصدوره منهم.. كالعمل  بالدليل اللفظي الصادر عنهم..ولكن هنالك فرق  من حيث  التعدي فيما بينهما..فالفعل  يُسمى في  علم اصول الفقه دليل صامت  يُتمسك به في العمل بالقدر المُتيقن  مما مارسوه (عليهم السلام )ولا يمكن  التعدي لغيره..على عكس الدليل اللفظي إذ قد يكون  مطلق أو عام  فيشمل التوسعة والشمول للغير بناءا على طبيعة الإستظهار من مساحة دلالة اللفظ على التوسعة والشمول..وانى  لتجربة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للإستيعاب لما نحن عليه الآن من التعقيد في نظم حياة الإنسان في هذا العصر وما سيأتي في الفترات  الاحقة

الثلاثاء، 16 يناير 2018

موانع وعقبات امام النظريات السياسية الغربية في التطبيق ..

تقف هنالك موانع وعقبات امام تطبيق بعض اُسس المدارس الفكرية ذات النزعة السياسية في المُجتمع الإسلامي ومنها :
العقبة الأول: مفهوم الحرية..هذا المفهوم من الناحية التاريخية لا يمكن اثبات سبق حضاري لأُمة في تكوينه ؛فهو نزعة انسانية مركوزة في اعماقه اودعها الخالق العظيم..نعم تطبيقات هذا المفهوم خضعت للإيجاد والتكوين نتيجة التسلط والقمع والديكتاتورية فتولد منها الديمقراطية وباقي المدارس الفكرية من العلمانية والليبرالية وغيرها..وهذا المفهوم (الحرية) وإن كان غريزة بشرية تشترك فيه الإنسانية ..ولكن وقع الخلاف في التعريف ومساحة التطبيق بين المدارس الفكرية والمدرسة الإسلامية .

العقبة الثانية: الهوية..هي الأخرى تمثل عائق ومانع من تطبيق النظريات السياسية من العلمانية والليبرالية بحذافيرها في المجتمع المسلم..فالهوية ومقوماتها ومحدداتها تشكل جدلية في العالم الغربي فضلا عن المُجتمعات المسلمة ..فالإنتماء لمدرسة فكرية ما يُحدد معالم هوية الإنسان سواء على مستوى الأفكار والتصورات أو السلوك الخارجي والعملي.

الية قبول الأفكار الوافدة والمُخالفة للهوية..

في عملية الإحتلال التي تقوم بها بعض الدول العضمى او الكبرى للبلدان المُحتلة تقوم -بالإضافة الى التدخل العسكري- بتغير الاُسس والركائز الأساسية في البِنية الثقافية والإجتماعية للمجتمع والتي تُعارض مقوماتها واهدافها من الغزو.. وهنالك فعالية اُخرى ايضاً في عملية التغير تقودها الدول بدون التدخل العسكري الُمباشر اُصطلح عليها (بالغزو الثقافي) حيث تُكرس فيه الآيديولوجيات بمهام التغيرمن خلال نشر الأفكار والمفاهيم والثقافات بالوسائل الحديثة من التكنولوجيا ونشر الكتب وترجمتها.
السؤال:هل عملية التغيربقبول الأفكار الوافدة والتي تُشكل حالة تضاد وتنافي مع مقومات الهوية الثقافية والدينية والإجتماعية ..منشأ ذلك هو الضعف في اُس وقواعد مُحددات الهوية ..وعدم قدرتها ورصانتها على مواكبة الحالة المُعاصرة الجديدة؟.
أو أن الأفكار والتصورات للنظرية لها قابلية التحصين واحداث جدار صد وحماية تمنع من خلالها توافد الهجين والدخيل على هذه الثقافة وهي من هذه الجهة في قمة الكمال ..ولكن العجزالحاصل من تفعيلها في عملية الصد ناتج من المؤسسة التي تنتسب لها هذه النظرية سواء الدينية منها أو الأكاديمية؛لمُخالفتها في المجال التطبيقي عما هو مُقنن في النظرية؟.
أو لا هذا ولا ذلك ..وإنما هنالك غريزة بشرية فُطر عليها الإنسان ألا وهي تغليب الجانب الحسي على الجانب العقلي في تبني الأفكار والنظريات والفرضيات..فيسعى الإنسان لتبني الثقافة الجديدة بما ينسجم مع الجانب المؤثر فيه ألا وهو الحس والجانب المادي..غير مُكترث بضعف الوافد وعدم إعمال المنطق والعقل في الوزن المعرفي لرجاحتها؟.

فمناغمة المجتمع الفرنسي حسياً وعلى سبيل المثال- والذي يؤمن بالعلمانية المتطرفة على عكس المجتمع الأمريكي-..بما يمتلك من تنوع في صنع الجبنة والتي تبلغ انواعها بالعشرات ..وكذلك تنوع الأزهار وما تنتجه من تعدد في العطورقد يساهم في تغير البِنية الثقاة لركائز العلمنة في هذا البلد.