الاثنين، 10 مارس 2014

التأثير الاعلامي والعوامل النفسية المساعدة






هنالك مهام ووظائف يساهم بها الاعلام _انطلاق من حرية التعبير وحرية الصحافة _ وهي نشر الافكار والثقافات والتواصل مابين البشر على اختلاف مشاربهم .. وبقدرحاجة الانسان للتواصل المعرفي ،والثقافي والاجتماعي ،توسعة اطرادا وسائله _التواصل_. فلم تكن امكانيات الطباعة والنشر،موجودة قبل عصر النهضة ومرحلة التحضر. ولم تكن قدظهرت وسائل الاتصال ،مثل الراديو والتلفزيون ،والاقمارالصناعية، والانترنيت وغيرها ،فأصبحت بعض هذه الوسائل، من مكملات حياته الخاصة ،وليست شئ كماليا يقتنى للزينة فقط ؛ نظرا لسرعة ارتباط هذه الوسائل بواقعها الخارجي .ورتب الناس ما تنقله هذه الوسائل في سلم اهتمامهم واولوياتهم. . وقديحتل الجانب السياسي، الحيز الاكبرمن اهتمامهم؛ نتيجة للظروف والمتغيرات التي تطرأعلى الساحة والرقعة الجفرافية الخاصة بهم، بل يتعدى الاهتمام والمتابعة في بعض الاحيان اللغة والقومية والدين ، اما للجانب المعرفي اوالانساني . والاعلام كأي علم له مقوماته ونظرياته واساليبه وآلياته الخاصه به ، فالدورالتوعوي الذي يقوم به ، من التأثيرفي عملية الوعي والثقافة ، وتبني بعض الافكاروالترويج ،لها مما جعل هذه المؤسسة أكثر عرضة الى الاصابة بالامراض المستعصية الحل والتشخيص . وأهم هذه الامراض ،واشدها خطورة ،هي عدم مراعات المهنية الصحفية والاعلامية_والتي تشكل أس لتلك المؤسسة الريادية_،ونتيجة لعدم المراعات ،من ايصال الحق والحقيقة بشفافية ووضوح الى المتلقي والمستمع ،مما ينعكس سلب لدى البعض لقراءة احداث الماضي والمستقبل والحاضر_والتي يبني عليها تصوراته وافكاره_قراءة مغلوطة وغيرصحيحة..فصارت الاثارة والاستقطاب وتزيف الحقائق، الشاغل الاول والهم الرئيسي للمتسلطين على هذه المؤسسة الرائدة والرقيب الدقيق . وسنتاول في هذه المقالة جملة من النقاط التي قدتساهم في القبول اوالرفض الناشئ من تصديق غيرموضوعي للمتلقي لما يتناقل في وسائل الاعلام . ولا نقصد من الموضوعية مطابقة الواقع وعدم المطابقة؛ وانما المراد ان يكون مستندالى قرائن موضوعية ،و منهج صحيح في الاقتناص. فلوحصل التصديق اوالتكذيب لخبر ما، من خلال اعتماد المتلقي على منظومة فكرية ومنهج استدلالي صحيح ،فهذا التصديق والتحليل لمفاد الخبر موضوعي .فالمعياروالميزان للموضوعية هوالطريق الموصل والمنهج المتبع للمتلقي .وكما يوجد هذا التصديق الموضوعي يوجد ايضا تصديق وتكذيب _لما ينقل في الاخباروالحواريات_شخصي و ذاتي؛ لأنه ينعقد نتيجة ملابسات ومبررات شخصية غيرمطردة .وهذا النحومن القطع واليقين او الظن ،لايصح الاعتماد علية ؛ لانه لم ينشأمن مبررات عقلائية وموضوعية.قد تكون هذه النقاط الاتيه _متفرقة اومجتمعة_مخرجة للانسان من الموضوعية المعرفية والثقافية وهي لاتختص بحيز التحليل الاخباري والاعلامي فقط بل لعلها تمثل قاعدة عامة لنفي الموضوعية المعرفية بكل اشكالها وصورها.والنقاط هي:
(1):المتبنيات القبلية والايديولوجية للمتلقي :فوسائل الاعلام التي تبث وتنشر أخبارمخالفة لما يعتقده ويتبناه _على فرض صحتها_تكون درجة تصديقه وموافقته لما يلقى اليه معدومة ولايورد أي احتمال للصحة وان كان ضئيل. امالوتبنى الاعلام وجهات نظروافكاراوآيديولوجية موافق لما يتبناه _على فرض خطأها_ من سلوك وحكمة عملية فيكون تصديقه وقطعه بدرجة اسرع لايشوبها الشك والتردد.

(2):الحالة النفسية والسايكولوجية :التي يعيشها المتلقي من قبيل حسن الظن وسوء الظن فان حسن الظن بانسان اوطائفة او امة ما، يجعل المتابع والباحث لايصدق ماينقل عنهم في الاعلام_على فرض صحته ووضوحه_، من افعال تخالف ماتبناه من حسن الظن بهم .اما لوكان المخبرعنهم من الذين يسئ الظن بهم ،فسرعان مايحصل له التصديق والقطع بما ينقل عنهم _وهذا النقل الاعلامي مما يصعب تصوره فضلا من وجود مصاديق له في الخارج_من افعال منافية لسلوكه او لمتبناه الفكري .ونستطيع عكس المسألة ،فحين يحسن ظنه بالاعلام ،يصدق ماينقل له والعكس صحيح.
(3):الظروف البيئية والحاضنة الاجتماعية :هي ايضا تساهم في التصديق والتكذيب غير الموضوعي للخبر.فكلما كانت البيئة والحاضنة الاجتماعية بسيطة للمتلقي فهي تخلق منه انسان بسيط وساذج .
(4)الوعي التجربي الميداني :هذا الوعي هو الذي يميز المثقف عن المتعلم. فليس كل متعلم مثقف ،فهذا الوعي الميداني للمثقف يشكل جزء مهم من هوية وتحديد دائرة انتمائه ،فالوعي عبارة عن أفق رحب في العقل، فيستطيع من خلاله أن يقرأالامور ويملك بعدالنظر. اذن المثقف يمتلك الادوات التي تمكنه من التحليل الموضوعي للحدث والخبر.وامامن لايملك هذا الوعي والتجربة الميدانية فلعله سرعان مايقع فريسة لوسائل الاعلام المضلل .
(5):عدم التفرقة بين مقامين للمفاهيم والابحاث: البحث النظري والعلمي اوما يسمى(ماينبغي ان يكون عليه المفهوم المرادبحثه وتحليله) والمقام الاخر:التحقق العملي والواقع الخارجي اومايسمى(ماينبغي ان يكون عليه المفهوم فعلاوواقعا) فعدم التفكيك بينهما يعتبرمن مواطن الغموض والاشكال التي توقع الانسان في تبني بعض النظريات بقصداوبدون قصد من القنوات الاعلامية .فيركزالاعلام على المقام الاول ولااشكال فيه وفق الظوابط العلمية ولكن مقام تحققه في الوقت الحاضر اذا لم يكن مستحيل فهوصعب.
وقد يرد تساؤل مفاده:اننا نرى بعض المتخصصين _أما غير المتخصص فلااعتبارلقراءته من رأس _ يختلفون في بيان تصوراتهم ودراستهم عن الواقعة الخارجية !! اليس لها الى مصداق واحد ؟!ولاقابلية لها للتكثروالتعددالمفاهيمي؟.فماهو الداعي والسبب لذلك؟
قديكون منشأالاختلاف هوفي المقدمات التي انطلق منها ورتب على ضوءها النتيجة .وقديقع الاختلاف بينهما في مقام التطبيق والواقع لان بعض الامورتطرح في دائرة التفكير(بمالاينبغي ان يكون ذلك)لكن في الواقع الخارجي لاينبغي ان نقول هذا لاينبغي اوأنه ينبغي بل نرى الواقع وكيفبة التعامل معه.وقدينشأ الاختلاف من تحليل الواقع الخارجي فادراك الواقع الخارجي غير تحليله لان التحليل مبني على استظهارات وهذه الاستظهارات وجدانية تختلف من شخص لآخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق