الاثنين، 10 مارس 2014

الترغيب والترهيب ..اين يقعان؟

أدرك الإنسان بشعوره و بوجدانه أن لديه مجموعة من القوى المركوزة في أعماق جبلته ..هذه القوى هي المحرك والدافع لأفعاله الخارجية والتي يديم بها وجوده وتكاثره ..ومنها ما يدعوه لحفظ أبناء نوعه وجنسه .
هذه القوى هي الغرائز والشهوات..وكيف لايكون غاية الخالق تعالى أن يديم الإنسان وجوده في هذه الحياة ولايبعث في اعماقه ما يدفعه ويحركه نحوها؟
وحينما تأمل الإنسان فيما حوله فتصور وأدرك أن لهذا الكون خالق هوالله تعالى.. وآمن بعد ذلك بأنه المولى الحقيقي الذي تجب طاعته..ومقتضى طاعته أن له أوامر ونواهي يجب الالتزام بها.
فتساءل : هل تكاليف الخالق تشمل تلك القوى الكامنة والمركوزة في اعماق النفس؟أم تشمل فقط الفعل المنبعث والمنفعل منها-أي الغرائز-؟وما هوالدليل على ترجيح احدهما على اللآخر؟
فهل التكاليف الإلهية من الأوامر والنواهي والتي يتفرع عليها الترغيب والترهيب تقع ويكون موضوعها الشهوات والغرائز ..أم هي-التكاليف والإلتزامات الإلهيه- خارج عن تلك الغرائز والشهوات؟ وإنما التكليف يشمل الفعل الإرادي والاختياري المتولد والمنفعل من هذه الشهوات والغرائز فقط؟
إن التكاليف الشرعية - من الوجوب والحرمة  وغيرها - والتي تصدر من المشرع الحكيم تكون دائرة امتثالها للإنسان هوما كان داخل تحت فعله الإرادي والاختياري ؛للقاعدة العقلية القطعية (استحالة التكليف بغير المقدور)..فدائرة المشرع  للإحكام - بماهومشرع لابماهوخالق- هي الأفعال الإرادية فقط لاغيرها.أما القضايا التكوينية من الشهوات والغرائز فلا تطالها يد التكليف ؛لأنها خارجة عن  إرادة الإنسان واختياره  للقاعدة العقلية المتقدمة .
فحب الإنسان للجمال الذي فطرعليه يدفعه ليتعلق به حتى يصل عند بعضهم إلى الهيام والجنون ..والوجدان حاكم وشاهدعلى ذلك - وإن  كان الامرمتفاوت بين الناس ونسبي- وبغض النظر عن القصص و اشعارالمتغزلين بمن عشقو النساء .وكذلك سوء الظن  ايضا فحينما يرى الإنسان منظرا ومشهدا يدعوه إلى الريبة والاستغراب تتحرك مخيلته بالتحليل والاستنتاج لما رآه .لإن ما يرد على قلب الإنسان قبل صدور الفعل والانفعال المتأثربالغرائز في الخارج مجموعة أمور:
1-حديث النفس بهذا الفعل الغرائزي والشهوي أومأ يسمى بالخاطر.
2-تصورالفوائدالمترتبة على هذا الفعل.
3-التصديق بأن هذه الفوائد تترتب عليه - أي الفعل الغريزي-.
4-هيجان الرغبة النفسية إلى ذلك الفعل أو المسمى بالميل النفسي.
فهذه النقاط الأربع ليست اختيارية وإرادية ..يأتي من بعدها التحرك العضلي والجوارحي  وهو فعل يصدربإ رادة  الإنسان واختياره .أي يتحرك الانسان ويندفع الى آثرومتعلقات ماتصوره في مخيلته .
اذن هل يشمل النهي والترهيب  سوء الظن وحب  الجمال وعشقه القلبي ؟والجواب:كلا.إن الموردين – من حبه للجمال وسوء الظن- وكل شيء أوجده الله تعالى تكوينا ولم يكن للإنسان إرادة وأختيارفيهما فلايشملهما الترغيب والترهيب ؛لأن التكاليف التي تصدرمن المشرع بما هومشرع موضوعها الإرادة والاختيار؛لأن العقل القطعي –وكما ذكرنا فيماتقدم-يحكم ويدرك باستحالة التكليف بغير المقدور.وهنا لاتوجد للإنسان القدرة على الترك والابتعاد عن الفعل المنهي عنه ..والعقل يستقبح عقوبة مالاطاقة للإنسان  على فعله وعمله.

فالنهي عن الفعل الذي تترتب عليه الموآخذة والعقوبةهوالانفعال والعمل الارادي الاختياري  المنفعل بالغرائز إذا رتب الاثرعليها- إي متعلقات حبه وسوء ظنه- من تشهيربمن أحب  مثيرا بذلك الريبة والفتنة،والخلوة معه،والتكلم بريبة  وشهوة وميوعة مع من أحب . فهذه الأفعال منهي عنها في الشريعة.وكذلك ترتيب آثار سوء الظن من التشهير وغيرها.فكمال الإنسان بفعله الاختياري والإرادي الذي هو موضوع التكليف الإلهي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق