الثلاثاء، 15 سبتمبر 2020

(المنهج التجريبي..وحاكميته على الدليل اللفظي الشرعي..الطب انموذجا).


حين يُمارس الفقيه في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام) عملية الإستنباط.يضع نصب عينيه مجموعة من القواعد الموضوعية والمنطقية؛إذ تُشكل مُقدمة للوصول للنتيجة والفتوى.فالمدار في الأحكام الظنية الشرعية ليس مُطابقتها للواقع وعدم المطابقة..بل متانة المنهج والقواعد المُتبعة والمُبرهن عليها في عملية استنباطها.ومن جُملة القواعد المُتبعة في العلوم الشرعية للإستنباط.. هو:( المنهج التجريبي) إذ هنالك مساحة في الفقه يأخذ الفقيه النتيجة كأصل موضوع من اهل التخصص ويبني عليه فتواه (سنتناول هذه المساحة في منشور لاحق إن شاء الله تعالى) .فإذا تمت عنده الرواية من جهة السند والدلالة..ولكنها مُعارضة بنتيجة علمية توصل لها الطب.. هنا يرفع الفقيه يده عن دلالة مضمون الظاهر من الرواية ويلتزم في مقام الإفتاء على ما بينه العلم والأبحاث التجريبية والحسية القطعية منها.

(غلق الأضرحة المُقدسة..بين الرفض والقبول)


اُسلط الضوء على موضوع شغل مواقع التواصل الإجتماعي بين التأييد والإعتراض.ألا وهو:غلق الأضرحة المقدسة للمعصومين (ع).
تمر البشرية بأزمة وكارثة صحية مُعقدة؛لما حدث مُتأخرا من انتشار فايروس كورونا.. إذ اقلق الإنسان _لاسيما في الدول المُتطورة_ في سرعة إنتشاره وعدم وجود علاج له في الحاضر القريب. مما دعى اهل التخصص لإصدار جملة من التعليمات منها :عدم التواجد في الأماكن المُزدحمة.. وكانت هنالك دعوات لغلق الأضرحة المُقدسة.وفي بيان وجهة النظر الموافقة لهذه الدعوة والرأي اذكر على نحو الاختصار مجموعة من النقاط بهذا الصدد:
الأولى:يتمتع مذهب ومدرسة اهل البيت (ع) بخصال ومُميزات جعلت منه يُواكب ويُجاري مُقتضيات العصر والزمان..من تطور وقفزات علمية في كل حقول المعرفة؛ ويرجع ذلك لجعل مساحة للعقل والعلوم التجربية في حياة الإنسان.. وما يتفرع عليها من إلتزام وسلوك.
الثانية:القاعدة العقلية بوجوب دفع الضرر المُحتمل.. بمعنى: لوكان هنالك ضرر لا على نحو اليقين والقطع بل مُحتمل فالعقل يحكم بوجوب دفعه.
الثالثة:القاعدة العقلية بحرمة إللقاء النفس إلى التهلكة.. وقد اشار القرآن الكريم لهذه القاعدة على نحو الإرشاد (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) سورة البقرة ١٩٥.
وكما هو مُقرر وثابت ان القواعد العقلية غير قابلة لتخصيص. بمعنى : عدم اثباتها في هذا الموضوع ورفعها عن الآخر. بل هي سيالة وثابته إذا ثبت الضرر والهلكة.
الرابعة:النظام العام في الكون _والكرة الأرضية وما تحتويه من جملتها_ مبني على مجموعة قوانين تسير وفق اسباب ومُسببات. وقانون التزاحم حاكم فيها.نعم تعطيل هذا القانون لبعض مفرداته وما يطلق عليه بالمعجزة حاصل ويُشير القرآن الكريم إلى ذلك.. ولكن لحالات خاصة جدا وهي: في اثبات دعوى النبوة او الإمامة لمُعاصريهم.
الخامسة:بعض الأحكام الشرعية الإلزامية المُستنبطة من قبل الفقهاء على جملة من الروايات التي ورد ذكرها عن طريق الأئمة (عليهم السلام) لو عارضها دليل علمي تجربي قطعي..فيرفع الفقيه يده عن الرواية ويلتزم بما وصل إليه اهل التخصص في المعارف والعلوم الإنسانية.وهنا اهل التخصص يُثبتون خطر هذا الفايروس والفقهاء يثبتون استحباب الزيارة..فيرتفع حكم المُستحب بما وصل إليه الطب والدراسات التخصصية.

(اسباب عدم إعمال المُعجزة.. وتعطيل النظام الطبيعي في الحياة).

سنقف على نحو الإختصار لجانب المفسدة المُترتبة على عدم الإتيان بالمُعجزة او الآية في حياة المعصومين (عليهم السلام). بما ان المُعجزة من قوانين هذا العالم وجزئياته فهي ليست خارجة عن دائرة التزاحم بين المصالح والمفاسد المُترتبة عليها.فقد تكون هنالك مفسدة تترتب عند الإتيان بها فتقتضي الحكمة الإلهية عدم اعمالها. ومن جملة المفاسد التي تترتب على ذلك هي:

الأولى:يتمتع الإنسان بمجموعة من القوى التي اودعها الله تعالى فيه.. منها:العقل والنفس أو ما تسمى (بالغرائز والعواطف والأحاسيس) . وكليهما مُنفصل عن الآخر.فوظيفة العقل الإنارة للنفس وتحديد المسار الصحيح لها(وفق ما وصل إليه). ولكن ليس من الضروري ان تخضع له النفس؛فطبيعة الإنسان يتأثر بالجانب المحسوس والمُشاهد امامه عينه.. أكثر من تأثره بالعقل والمنطق.فأغلب الناس لا تخضع لتعاطي مع الأشياء بموضوعية وعلمية تحليلية وفق منهج مُبرهن عليه.فحين يرون من خصه الله تعالى بالمُعجزة وتعطيل للقانون الطبيعي .. هنا تبدأ مُؤثرية الجانب النفسي والحسي.. ويتم التركيز على جهة خاصة في هذا الحدث. فيُتجاوز في اعتقادهم بهذا الشخص حدود البشر..وعبوديته لله تعالى.مِما يجعل إنشغال الناس بهذه الخصوصية وغير مُلتفين إلى غيرها؛ كونها ذات تأثير مُشاهد للعيان.وهذا يُسسبب غلو في الشخص الذي خصه الله تعالى بهذه المعجزة.
الثانية: هناك ظاهرة عُقلائية وإنسانية - وقد تكون عند بعض الحيوانات-..ألا وهي: عملية الإقتداء باصحاب الخصوصيات.وقد جرت الحكمة الإلهية في عملية التشريع على هذه النزعة في داخل الإنسان.فبعث الأنبياء والمعصومين للهداية وربط الناس بالخالق. ومن جملة المهام التي اوكلت اليهم (عليهم السلام) وحثت عليها الشريعة..انهم قدوة واسوة.. ومقتضي الإقتداء والتأسي في افعاله وسلوكياته..ان يُحاكيه فيما صدر منه..فيكون قادر على السير وفق منهجه والإتيان بمثل ما اتى به. وهذا لا يحصل - غالبا- إلا إذا اعتقد ان قدوته من جنسه. يُماثله في اكثر احواله وقابلياته.وبما أن الله سبحانه وتعالى حكيم.. فمقتضى حكمته التي دعت لتأسي والإقتداء.. تدعو بنفسها إلى رفع الموانع التي تمنع من التأسي. ومنها عدم جريان المُعجزة على يديه والأخذ بالأسباب الطبيعية التي أجراها الله تعالى في هذه النشأة.

(حفريات في النصوص الفقهية ,,التعايش السلمي أنموذجاً)


الباحث والمُتصيد في التراث الفقهي لمدرسة اهل البيت (ع) يجد الكثير من المفردات الثقافية والفكرية الحديثة في طيات وبحوث العلماء,, وإن لم يفرد لها باب بهذا العنوان العصري ..فحقوق الإنسان والتعايش السلمي والتي اصبحت الشغل الشاغل في هذا العصر لما لها من وقع في النفوس نتيجة الممارسات الخاطئة من بعض الأفراد المحسوبين على الدين والشريعة ..
سنتناول مفردة اثارها المحقق الحلي (رحمه الله ) المتوفى عام 676هفي كتابه الفقهي شرائع الإسلام ,,حيث قال:(وتضمن–الخمر-إذاغصبت من ذمي ,متستراً,ولوغصبهاالمسلم .وكذا الخنزير.)ص205ج4.
وذهب الشيخ محمد حسن النجفي المتوفى سنة 1266ه في كتابه جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام مُعلقاًعلى الرأي المُتقدم للمُحقق الحلي:(بإجماع الفرقة وأخبارها في محكي الخلاف بل قيل :إن الإجماع أيضاًظاهرالمبسوط والسرائر والتذكرة)ص44ج37.
فالخمروالخنزير لامالية لهما في مدرسة اهل البيت (ع)..ولكن لوغصب المسلم الخمر والخنزير من الذمي وكان متستراً في شربه واكله لهما ..وقام المسلم بإتلافهما يجب عليه أن يدفع قيمتهما الى المُستحل لهما.. لواراد العوض والتغريم ..

فالعلامة لايتبنا نظرية نسبية الحقيقة والمعرفة ..إنها صورة مشرقة من التعايش السلمي..فامتلاك الحقيقة لايُلازم إلغاء خصوصيات الآخر,, وإن كانت خصوصيات الآخرلاقيمة لها. 

(غلق الأضرحة المُقدسة..بين الرفض والقبول)


ونحن نعيش ذكرى ولادة أمير المؤمنين علي (ع).. اُبارك لأحبتي واصدقائي بهذه المُناسبة مُتمنياً لكم دوام الخير والعافية والطمأنينة.
احببت ان اُسلط الضوء على موضوع شغل مواقع التواصل الإجتماعي بين التأييد والإعتراض.ألا وهو:غلق الأضرحة المقدسة للمعصومين (ع).
تمر البشرية بأزمة وكارثة صحية مُعقدة؛لما حدث مُتأخرا من انتشار فايروس كورونا.. إذ اقلق الإنسان _لاسيما في الدول المُتطورة_ في سرعة إنتشاره وعدم وجود علاج له في الحاضر القريب. مما دعى اهل التخصص لإصدار جملة من التعليمات منها :عدم التواجد في الأماكن المُزدحمة.. وكانت هنالك دعوات لغلق الأضرحة المُقدسة.وفي بيان وجهة النظر الموافقة لهذه الدعوة والرأي اذكر على نحو الاختصار مجموعة من النقاط بهذا الصدد:
الأولى:يتمتع مذهب ومدرسة اهل البيت (ع) بخصال ومُميزات جعلت منه يُواكب ويُجاري مُقتضيات العصر والزمان..من تطور وقفزات علمية في كل حقول المعرفة؛ ويرجع ذلك لجعل مساحة للعقل والعلوم التجربية في حياة الإنسان.. وما يتفرع عليها من إلتزام وسلوك.
الثانية:القاعدة العقلية بوجوب دفع الضرر المُحتمل.. بمعنى: لوكان هنالك ضرر لا على نحو اليقين والقطع بل مُحتمل فالعقل يحكم بوجوب دفعه.
الثالثة:القاعدة العقلية بحرمة إللقاء النفس إلى التهلكة.. وقد اشار القرآن الكريم لهذه القاعدة على نحو الإرشاد (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) سورة البقرة ١٩٥.
وكما هو مُقرر وثابت ان القواعد العقلية غير قابلة لتخصيص. بمعنى : عدم اثباتها في هذا الموضوع ورفعها عن الآخر. بل هي سيالة وثابته إذا ثبت الضرر والهلكة.
الرابعة:النظام العام في الكون _والكرة الأرضية وما تحتويه من جملتها_ مبني على مجموعة قوانين تسير وفق اسباب ومُسببات. وقانون التزاحم حاكم فيها.نعم تعطيل هذا القانون لبعض مفرداته وما يطلق عليه بالمعجزة حاصل ويُشير القرآن الكريم إلى ذلك.. ولكن لحالات خاصة جدا وهي: في اثبات دعوى النبوة او الإمامة لمُعاصريهم.
الخامسة:بعض الأحكام الشرعية الإلزامية المُستنبطة من قبل الفقهاء على جملة من الروايات التي ورد ذكرها عن طريق الأئمة (عليهم السلام) لو عارضها دليل علمي تجريبي قطعي..فيرفع الفقيه يده عن الرواية ويلتزم بما وصل إليه اهل التخصص في المعارف والعلوم الإنسانية.وهنا اهل التخصص يُثبتون خطر هذا الفايروس والفقهاء يثبتون استحباب الزيارة..فيرتفع حكم المُستحب بما وصل إليه الطب والدراسات التخصصية.

(نافذة على مصادر المعرفة الإسلامية..قوانين الطبيعة وصلاحية التعطيل.. انموذجا) .


المُجتمع البشري في هذا الوقت يعيش وضع صحي مُتأزم وخطير للغاية..ألا وهي: إثبات الإعجاز أو الآيات أو ما يطلق عليه: تعطيل قانون الطبيعة. في درء الفايروسات والأوبئة.فهذا المفهوم قد ورد في مصادر المعرفة الإسلامية من القرآن الكريم - وهو المُعجزة الخالدة- والسنة النبوية.ومن جُملة الحِكم المتصورة منها(المُعجزة) :إثبات صدق دعوى المُدعي من النبوة او الإمامة.
فالله سبحانه وتعالى بلطفه يُريد أن يُقرب الناس إلى طاعته هذا من جهة.. ومن جهة أخرى يُريد لهذا الإنسان ان يكون فاعلا ومؤثرا في بيئته ومحيطه الذي يعيش فيه؛ حتى يتكيف مع هذه الظروف والتحديات التي تواجه.فيكون الأصل والقاعدة في هذا النظام هو: السير بموجب الأسباب الطبيعية..وماخالفها إستثناء؛إذ اقتضت المصلحة الإلهية له في ظرفٍ خاص جدا.
وعلى نحو الإختصار ساذكر جُملة من الأدلة والشواهد..على عدم التدخل الغيبي فيها.. وقد أوكلها الله سبحانه وتعالى إلى اسبابها ومُسبباتها الطبيعية.
الأولى :واقعة بدر ..تدخل المد الغيبي بإمداد المُسلمين بالعون من الملائكة. وتحدثت جُملة من الآيات الشريفة حول هذه القضية..منها سورة الأنفال الآية ٩، ال عمران الآية ١٣و١٢٣. ويذهب السيد الطباطبائي في الميزان ج٩ ص٢٠.. وكذلك الشيخ ناصرمكارم شيرازي في أكثر من مورد ان الملائكة لم تنزل للقتال وإنما نزلت لتُطمئن قلوب المؤمنين ويزداد عزمهم. ولايعني ذلك إشتراك الملائكة والقوى الغيبة في المعركة.الأمثل ج ه ص٢٣٢وص٣٥٤. وكذلك في ج ١٣ ص١١٦.
الثانية:واقعة اُحد.. بعد ان قويت شوكة المُسلمين لم يكن هنالك مد غيبي لدفاع عنهم.. سواء كان إشتراك مُباشر في المعركة..أوتقوية معنوياتهم من خلال بعث الملائكة كما في النقطة الأولى. بل الآية الشريفة تدعوهم للإستعداد والقوة.ولم يكن الخطاب القرآني لهم..ليس عليكم إلا الإيمان القلبي وانا ادافع عنكم.
قال تعالى:(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) .الأنفال ٦٠.
الثالثة:حدثنا القرآن الكريم عن نزول البلاء في موسى وهارون وتيه قومه ٤٠سنة.المائدة ٢٦.
الرابعة:عزل أمير المؤمنين علي (ع) عن دوره الريادي في الخلافة .والذي نصبه الله تعالى فيه..على لسان نبيه (ص) في حديث الثقلين وغيره من الأحاديث الشريفة..ومن ثَّم قتله على يد شر خلق الله تعالى.
الخامسة:تراخي الناس وتنصلهم عن الإمام الحسن المُجتبى(ع)..مِما اضطر مُكرها (عليه السلام) لقبول الصلح مع معاوية..وإستشاده بالسُّم بعد ذلك.
السادسة:قتل الإمام الحسين (ع) بتلك الطريقة التي تقشعر منها الأبدان.. وهو الإمام المفترض الطاعة..وخليفة الله في ارضه بعد اخيه الإمام الحسن المجتبى (عليهم السلام) ..بل لم يكتفي القوم بقتله.. وإنما سُبيت عياله واهل بيته.
فإذا قبِلنا بهذه الحِكمة والمصلحة التي اقتضت هذه الأفعال..ولم نلحظ اي تدخل غيبي وتعطيل لقانون الطبيعة العام.فلماذا لا نقبل ان تُصاب شيعتهم واتباعهم ومحبيهم بانواع البلاء من الأوبئة والفايروسات وغيرها؟!.
سأتناول في منشور لاحق - إن شاء الله تعالى - الجانب السلبي والمفسدة التي تترتب من إعمال المُعجزة وخرق قوانين الطبيعة؛لأن المُعجزة خاضعة لقانون التزاحم بين المصالح والمفاسد المُترتبة عليها.

(حتمية زوال البشرية وموتها بفايروس كورونا.. واقع ام تكهنات؟).


من الأشياء التي لا شك فيها موت الإنسان في هذه النشأة والوجود. وجملة من الآيات الشريفة تمحورت حول هذا الموضوع منها:
قال تعالى في مُحكم كتابه الكريم.. (إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ). [الزمر: ٣٠ ]
(كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ).[العنكبوت: ٥٧ ].
(يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَآ أَوَّلَ خَلۡقٖ نُّعِيدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَيۡنَآۚ إِنَّا كُنَّا فَٰعِلِينَ).[الأنبياء : ١٠٤ ].
ولكن وقع السؤال والإستفهام..هل يمكن ان ينتهي الوجود الإنساني والبشري برمته من هذه الأرض؟.
يستظهر المُتتبع للقران الكريم بحتمية زوال الإنسان من هذا الكوكب..بآيات منها طي السجل او النفخ في الصور.
(وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ يَنسِلُونَ).[ يس: ٥١ ]
(وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ).[الزمر: ٦٨ ].
(وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡوَعِيدِ). [ ق: ٢٠ ].
إذن إنعدام الجنس البشري في الأرض حتمية لا مفر منها.ثم جاءت تداعيات وحوادث مرت بها البشرية قد يُترائ للوهة الأولى..انها بوادر وعلامات الوصول للمرحلة الأخيرة لهذا العالم والنشأة.
ولكن يمكن دفع هذه الإحتمالات والتكهنات التي نعيشها في هذا الظرف بالذات وما نتج من تفشي لفايروس (كورونا)..من خلال النقاط التالية-والتي سأقوم بترتيبها ضمن تسلسل رقمي؛ليسهل ربطها مع بعضها وتكون الصورة واضحة وجلية-وهي:
الأولى:خلق الله تعالى في هذه الأرض الكائنات الحية ومنها الإنسان.وسخر له كل مافي الأرض جميعاً.وجملة من آيات الذكر الحكيم تُشير لذلك منها: (هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا).[ البقرة: ٢٩ ]
( أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ).[الحج:٦٥] .
( أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ).[ لقمان: ٢٠].
فيكون الإنسان هو الأشرف والأكمل عن باقي الموجودات الأرضية؛فيلزم من ذلك أن يكون هو محور عالم الطبيعة وهذه النشأة.
الثانية:وهذه الأشرفية والكمال استوجب بها الخلافة في الأرض.
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ).[البقرة: ٣٠] .
الثالثة:بناءا على ما تقدم..توجد مهام ووظائف يشغلها الإنسان في الأرض. وينبغي استكمالها. وانطلقت على هذا الأصل بعض المدارس الفكرية في تأسيس قواعدها وادبياتها؛لرسم تصور لهذه المهام في المُستقبل..إذا اعيته الموانع والعقبات من تنفيذها في مرحلة زمنية قريبة.والمدرسة الإسلامية (خاصة) وما سجلته مصادرها المعرفية من القرآن الكريم والموروث الشرعي..ان هنالك شخص مُدخر وظيفته(عليه السلام) إعلاء كلمة الحق وإقامة دولة العدل.
المحور الثاني..
الرابعة: إذن فموت الإنسان (اي الجنس البشري بأجمعه)في هذا الوقت بالذات يُنافي الوعد الإلهي الذي تناول المرحلة الأخيرة من وجوده على الأرض..إذا لم تصل بعد لدولة العدل.هذا من جهة ومن جهة أخرى..كيف يمكن بقاء الموجودات والكائنات الحية من حيوان ونبات وانها مخلوقة لأجله؟!.وهذا يُنافي حكمة إيجادها وخلقها له.
الخامسة:سلمنا بما تقدم من عدم الإنقراض والإنعدام للنوع البشري؛ والسبب في ذلك ما اقتضته حكمته تعالى..(مع العلم بوجود بعض الكائنات الحية من حيوان ونبات شملها قانون الإنقراض والإنعدام). ولكن ماهي الأسباب التي تدعونا إلى الأعتقاد بعدم إنقراض وزوال الإنسان في الوقت الراهن؟.
السادسة: ولجواب على النقطة المتقدمة نقول:
أ) إما أن تكون هنالك اسباب غير طبيعية. بمعنى :ان يتدخل الخالق سبحانه وتعالى مُباشرة لحفظ الجنس البشري..حين يكون هنالك تزاحم بين الإنسان وباقي الموجودات التي تكون أقوى منه.سواء كانت كائنات حية مجهرية كالفايروسات والبكتريا..أو غيرها.أو بعض الظواهر المناخية والزلازل والبراكين وتلوث البيئة.. والتي تُساهم في قتل الإنسان. فيتدخل الخالق سبحانه وتعالى بتعطيل قانون (البقاء للأقوى).
ب)أو تكون هناك اسباب طبيعية يجري عليها الإنسان بما منحه الله تعالى من عقل خلاق ومُبدع..وبما وهبه الخالق العظيم من غرائز..حب الإطلاع والكمال والخلود وحب المعرفة.فيجتمعان (عقله وغرائزه) ويسعيان سوية لبقاءه ودفع المخاطر عنه.وتسخير كل ما من شأنه ان يُسبب ديمومة وجوده بنفسه أو غيره من المخلوقات والكائنات الحية في الأرض.
ج)ومن جملة الأسباب الطبيعية ماتناولته يد التشرع الإسلامي.ورتبت عليه جُملة من الآثار وهي: (الصدقة ودفع المال للمتعففين والفقراء وإغاثة الملهوف)حيث تعود عليه بجُملة من المصالح والمنافع..سواء له مباشرة أو من يقوم مقامه(سنتناول هذه الحالة بمنشور لاحق إن شاء الله تعالى).فهي من جهة الإنسان وما يقوم به أسباب طبيعة..ومن جهة فلسفة الأثر ومدخليته في الحفاظ عليه..أشياء غيبية؛كون العقل البشري لا يُدرك رابطة العلية بين السب والمُسبب. بين رابطة العلية للصدقة وسبب تأثيرها في إطالة عمر الإنسان ودفع ما يضره.
إذن هذه الأشياء سوية او مُتفرقة تُساهم في بقاء النوع الإنساني على الكرة الأرضية.

( آلية التخادم والتعاون ما بين الغرائز..وعملية التقنين الشرعي) .


ونحن نعيش ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى(ع).احببت أن اُسلط الضوء على العلاقة التبادلية بين ما بداخلنا من غرائز اودعها الله تعالى كونه الخالق.وبين التشريع والتقنين للأحكام الشرعية من كونه سبحانه وتعالى مُشرع للقوانين.
وسأتناولها على نحو الإختصار:
المرحلة الأولى:يقوم المُقنن بإستعراض المصالح والمفاسد المُترتبة على التشريع الذي ينوي ويروم اصدار لائحة بتوصياته وأوامره عليه.فيرى مقدار وحجم المصلحة المُترتبة على العمل والفعل.. وعلى ضوئها يصدر الحكم والتشريع. فعلى سبيل المثال: يريد أن يصدر ويُقنن المُشرع لائحة احكام حول المودة لأهل البيت (عليهم السلام) أو التراحم مابين الناس عامة او بين الأرحام خاصة..أو تقنين يخص التكافل الإجتماعي. فيصدر حُكما بالإستحباب او الوجوب او الحرمة.فهنا توجد آثار مُترتبة على العمل من مصالح او مفاسد وهذه ما تُعرف بالعلة أو الحِكمة من التقنين والتشريع.
المرحلة الثانية: الله سبحانه وتعالى بماهو خالق اودع في الإنسان مجموعة من الغرائز والعواطف منها : حُبه للبقاء..وحبه للكمال وكرهه لكل منقصة في مسيرته على الأرض.هذه الغرائز التي منحها إيها الخالق وبما هو خالق.. يوظفها الله تعالى بما هو مُشرع ومُقنن.ويجعلها من جُملة الأسباب المُحركة للإندافع نحو التكليف الذي قننه.(فتكون الغرائز التكوينية التي بداخلنا..بخدمة الإمتثال والتحرك نحو تطبيق التشريع والحكم).فيترتب أثر آخر غير السابق على العمل.مثاله:طيلة العمر لمن وصل رحمه..أو على ما يبذله من مال لسد حاجة الفقير.هذه الآثار المُترتبة على الفعل..لم تُلحظ في المرحلة الأولى ولا علاقة لها بأصل تقنين الحكم والتشريعات؛ إنما هي مرحلة لاحقة للاندفاع نحو الإمتثال او الإمتناع للتشريع.

(البكاء على الإمام الحسين (ع) في تراث مدرسة أهل البيت..والجزاء المُترتب عليه).



المحور الأول: مقدمة تأسيسية..
تناولت مصادر المعرفة الإسلامية من روايات أهل البيت (عليهم السلام) الحث على إحياء مراسيم عاشوراء وذكرى شهادة الإمام الحسين (ع) ومنها:النوح والبكاء..ورتبت على ذلك الأجر الكبير.مما سبب لدى بعض المحققين اضطراب مفاده:هل هذه الروايات صدرت فعلاً من المعصوم (ع)..او أنها ليست مطلقة من الناحية الزمانية..بل لها ظرفها الخاص - بعد التسليم بصحة الصدور-..أو أنها مطلقة وغير خاضعة لمتغيرات الزمن؟.
هذا ما سنتناوله لاحقاً في عرض تحليل هذه النظريات في روايات البكاء على سيد الشهداء (ع).
اما هنا سنُقدم مُقدمة لنص ذكره الشهيد مرتضى مطهري (رحمه الله) في فلسفة البكاء.
[...يُخطئ من يظن أن البكاء ظاهرة سلبية تنم دائما ً عن مشاعر الحزن والألم...البكاء والضحك مظهران لأشد حالات إثارة العواطف البشرية. والبكاء يُرافق عادة نوعاً من الرقة.. فدموع الشوق والحب معروفة للجميع وفي حالة البكاء وما يصحبه من الرقة وهياج المشاعر يشعر الإنسان بقربه من حبيبه الذي يبكي عليه اكثر من أي وقت آخر...والبكاء له – على الأكثر- طابع (الخروج من أغلال الذاتية) ..وطابع نكران الذات والذوبان في ذات المحبوب...البكاء على الحسين(ع) يصون بقاء هذه الجذور العاطفية في النفوس.. ويصونها من الضعف والزوال.ومن هنا نفهم حكمة توصيات أئمتنا في البكاء على الحسين (ع)] .
رؤى جديدة في الفكر الإسلامي ج١، ص٢٩١.
المحور الثاني: تأصيل قاعدة قرآنية..
قبل أن نتناول نظريات الجزاء والثواب المُترتب حول البُكاء على الإمام الحسين (ع) ..والتي انقسمت إلى:رافضة لهذا الجزاء الكبير ومُشككة في صحة صدورها..وبين من حددها بفترة خاصة ولم يشملها الإطلاق الزماني..وبين من قال أنها مُطلقة وغير مُقيدة بزمن خاص.في هذا (المحور الثاني) وعلى نحو الإختصار نسليط الضوء بعرض نظرية قرآنية ألا وهي:(نظرية تكفير السيئات). إذ تناولها الشيخ كاظم القره غولي في كتابه:(الذنوب..موجبات التشديد عليها وآثارها التكوينية العامة).وهذه النظرية يُثبت من خلالها سماحة الشيخ القره غولي أن هنالك حسنات تقوم بمحو السيئات.
نختصرها بالشكل التالي:
١)تعريف التكفير لغة واصطلاحا.
٢)الأدلة القرانية على النظرية:في هذه النقطة تم عرض الأدلة النقلية من القرآن الكريم.وعدم صلاحية (العقل والإجماع)من الإستدلال عليها؛لأن العقل لا مجال له إلا إدراك ثبوت الواجبات وامتناع المُحالات.والتكفير الذي دلت عليه الأدلة النقلية ليس واجباً على الله تعالى بل هو منّة وتفضل منه.واما الإجماع :فإنه لا يجري في هذا المقام ونظائره ؛لأن الإجماع عبارة عن الإتفاق في الفتوى الكاشف جزماً عن ثبوت الحكم الشرعي ..ولا حكم شرعياً في المقام ليفتي به الفقهاء.ولغرض الإختصار سأذكر الآيات القرانية والسور التي وردت فيها:
(هود الآية١١٤,النساء ٣١, البقرة٢٧١, المائدة١٢,التغابن٩,الطلاق٥,المائدة٦٥,محمد٢,الفتح٥).
٣)هل نظرية تكفير السيئات..تُنافي المُعتقد؟.اجاب سماحة الشيخ القره غولي..أنه لا مُنافاة..بل لا بد أن نعتقد بأن احكام الله تعالى تنطلق من أنه عادل حكيم ليس في أفعاله وأحكامه إلا الحق ..والعقل حاكم بذلك.
٤) مُعالجة إشكالية أن هذا التكفير عن السيئات يُشكل نوع من الإغراء للوقوع في الذنب ..فـأنه سيفعل الذنب ويبني على تكفيره بالفعل الحسن؟.هذه الإشكالية والجدلية سنتناول مُعالجة الكاتب لها في المحور الثالث عند الرد على بعض نظريات ترتب الجزاء على البُكاء.
فأية مُشكلة بعد ذلك في أن يتفضل الله تعالى على عبد خاص أو على جميع عباده بأن يفتح لهم باب رحمة من خلال جعل نوع سببية بين بعض الطاعات وتكفير وستر الذنوب أو بعضها ..ويُخبرنا بتلك السببية؟!.

(مجالس العزاء الحُسيني.. بدعة ام سنّة؟)

 مقال نشرته مجلة (نصوص معاصرة) الفصلية في عددها الثامن ..يتمحور حول اثبات شرعية العزاء الحسيني..إذ قسم الكاتب البحث الى محاورمُتعددة :(مدخل,وانطباق العزاء الحسيني على مفهوم الشعائرالإلهية,ومعارضوا العزاء الحسيني الأدلة والمنطلقات) .سنتناول البحث بإختصار.

المحور الأول/ المدخل: تناول الكاتب فيه.. ان اقامة العزاء والبكاء على الإمام الحسين (ع)قضية  جوهرية نابعة من صميم الإسلام ..وان ادلتها لم تقتصر على مذهبِ خاص.بل يمكن الإستدلال عليها بجُملة من الفتاوى والنصوص المأثورة عن مختلف المذاهب الإسلامية.

المحور الثاني/ العزاء الحسيني وانطباق مفهوم الشعائرالإلهية: اثبت الكاتب في هذا المحور أن مصداق الشعائر الحسينية ومنها (مجالس العزاء ) داخلة تحت مفهوم (الشعيرة القرانية )مُستدل عليها بآيات من الذكر الحكيم منها قوله تعالى: (ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب)الحج 32. وقوله عز اسمه :(قل لا اسألكم عليه اجرا إلا المودة في القربى)الشورى 23.فقد اقترن اجر الرسالة بمودة ذوي قربى الرسول(ص) والمودة مُتجلية في البكاء على مصائبهم والإبتهاج بأفراحهم.

وعالج الكاتب في هذا المحور -بعد اثبات صدق مفهوم (الشعيرة القرانية) على مجالس العزاء والبكاء على سيد الشهداء (ع)- ما يُدعى من وجود ادلة يُستظهر منها ذم البُكاء وكونه منهي عنه في الشريعة.منها: مارواه البُخاري في صحيحهعلى أن بكاء أهل الميّت سببٌ في عذابه (إن الميت ليُعذب ببكاء أهله من أحاديث تدلّل عليه) ج2 ,ص80.وفي مقام رد هذه الشبهة ذكر الكاتب مجموعة ادلة منها:

1/رأي لأحد علماء الشافعية وهو (النووي) معلقاً على هذه الأحاديث: (هذه الروايات كلها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبدالله,وأنكرت عائشة عليهما ونسبتهما إلى النسيان والإشتباه,واحتجت بقوله تعالى:ولا تزر وازرة وز اُخرى ).

2/ما ذكره الحاكم النيسابوري من روايات تُشير لبكاء الرسول الأكرم(ص) على قبر امه آمنة. المُستدرك على الصحيحين ج1وص377.

3/السيرة القطعة للرسول الأكرم (ص) وما تناقلته كتب التاريخ والسيروأنها مليئة بأفعال النبي وقوله وتقريره على صحة البكاء في عزاء المؤمنين..واقرار النبي حجة على صحة وجواز الفعل.

المحور الثالث/ في هذا المحوروالذي عنونه الباحث بعنوان:(معارضوا العزاء الحسيني الأدلة والمنطلقات).تناول فيه مخالفوا مسالة البكاء على سيد الشهداء (ع) ..وعالج ما اُدعي من كونها ادلة علمية من عدم صح البكاء .على شاكلة واحدة ..بل تعددت مشاربهم إلى مجموعات ثلاث وهي:

المجموعة الأولى:الإتجاه السلفي (نظرية المُخالفة الشرعية):يعتبر المذهب الوهابي وأتباع أبن تيمة مسألة البكاء على الحسين (ع) أو غيره من الموتى والشهداء أمر مُخالف للشرع والدين وأنه بدعة وخروج عن السنة النبوية وسيرة السلف؟!.

رد هذه الشبهة لا يحتاج الى مؤنة كبيرة ؛فبمجرد تسليط الضوء على ما ادعوه من ادلة وبيان كونها ضعيفة السند تنحل هذه الإشكالية..ونرجع الى الأصل الأولي وهو اباحة الفعل والسلوك..بل هنالك ادلة شرعية من روايات تدعو الى البكاء وكذلك سيرة الرسول الأكرم (ص) تجيز ذلك.

المجوعة الثانية:الإتجاه السياسي السلطوي(نظرية الرفض السياسي).مدعوا هذه النظرية من عدم اقامة العزاء على سيد الشهداء (ع)لم يكن الدافع استدلال شرعي او نص قرآني؛بل المُبرر من المنع.. ما يترتب من عواقب تسبب في عدم الحفاظ على وحدة الكيان الإسلامي؛إذ يستلزم الطعن ولعن بعض الصحابة.ا يقول ابن حجر في الصواعق المُحرقة نقلاَ عن الغزالي:(لا ينبغي للخطيب وغيره رواية مقتل الحسين ,وأيضا رواية مايدور بين الصحابة من سجالات وخصام ؛لأن ذلك يستوجب الطعن بأعلام الإسلام والدين).ص223.

وفي بيان معالجة هذه الشبهة والإشكالية نلخص ما قام به الكاتب:

1-نتفق مع صاحب الشبهة في كبرى (الحفاظ على وحدة المسلمين وعدم بث الفرقة والتناحر) ولكن نختلف في صغرياتها.

2-هذه الشبهة يلزم منها عدم مراجعة تاريخ المسلمين وتقويم الصحيح من غيره.

3-لم نشاهد (الغزالي) وغيره ممن يدون هذه النصائح قد عملوا بها وتغاضوا عنها.فالمطلعون على مباحث علم الكلام وتاريخ الحضارة الإسلامية يلمسون عن كثب شدة تطرف الغزالي واتباعه  في مواقفهم من الشيعة لا سيما الإسماعلية.

المجموعة الثالثة:الإتجاه الصوفي (نظرية المُخالفة العرفانية).هذه المجموعة ترى أن اقامة العزاء على الميت –مهما علا شأنه – انحرافاَ في العقيدة ؛ معللين ان الإنسان حين يموت  وتنفصل روحه عن بدنه ينتقل الى جوار ربه ..وهذا أمر يدعو للبهجة والفرح.ويعد (جلال الدين الرومي ) من جملة القائلين بهذا الرأي من بين علماءالمسلمين.

عالج الباحث هذه النظرية والشبهة كالتالي:

اولاً:وجهة المُشابهة بين ما يذهب اليه المسيحيون من فرحهم على قصة عيسى(ع) واستشاهد الإمام الحسين(ع)؛ ناتج عن خرافة تم الإعتقاد بها كونه (ع) قُتل ليُكفر عن خطاياهم.

ثانياً:تختلف قراءة الإسلام لحادثة معينة على نمطين..(النظرة الفردية للحادثة والنظرة الإجتماعية)؛فمن الناحية (الفرية) ينظر الإسلام لحادثة واقع الطف واستشهاد الإمام الحسين(ع) أنه حقق بموته سعادة الدنيا والآخرة؛فقد تكامل  الحسين (ع) بناوين الشهيد والشهادة. ومن الناحية الأخرى للحادثة يرى الإسلام أن هنالك موقف آخر غير الصعيد الفري والشخصي..الا وهو الصعيد (الإجتماعي)؛ اذ مثلت عاشوراء بالنسبة لمُرتكبيها مشهد الإنحطاط الذي عاشه المجتمع الإسلامي آنذاك.فتكون مدعاة لإحيائها بطرق الحزن والبكاء.مضافا الى ذلك هنالك ادلة شرعية تُثبت أن الرسول (ص)بكى الإمام الحسين (ع) حياً يوم ولاته ..اذ ذكر الرسول الأكرم (ص)واقعة الطف فبكى حتى سالت دموعه .

النتيجة التي يصل اليها الكاتب/ تأسيساً على ما تقدم وبعد نفي النظريات المُطروحة في اشكالية اقامة مجالس العزاء والبكاء على الإمام الحسين (ع). فموقف شيعة اهل البيت ومحبيهم ليس تجسيداً ومنطلقاً من صميم الفكر الديني فحسب ..بل أن معهم رصيداً وافياً من السنة والسيرة النبوية دليلاً على صحة معتقدهم ورجحان عملهم.


الاثنين، 14 سبتمبر 2020

(مجالس العزاء ..الأدوار والوظائف الفردية والأجتماعية).

 


في عددها (التاسع) تناولت فصلية  مجلة(نصوص معاصرة) هذا العنوان. 

  يقول الكاتب..هنالك مجموعة من التعاريف للوظيفة منها :ما طرحه عالم الاجتماع مارتون ( ان لكل مكون اجتماعي نوعين من الوظيفة أحدهما:ظاهر وهو ما يُطبق بقصد مُسبق والآخر :مُستتر وهو ما يُطبق دون قصد مُسبق.

الوظائف العامة في المواكب الحسينية:بما أن مجالس العزاء الحسيني هي عبارة عن تجمعات دينية ومكون اجتماعي ذي عراقة تاريخية؛من هنا كان للقائمين على هذه النشاطات وظائف عديدة ..تختلف باختلاف حيثيات تلك المجالس المُقامة .اذ تناول الباحث مجموعة من هذه الوظائف العامة والمُشتركة وكما جاء في التعريف المتقدم: ( الوظائف الظاهرية,والوظائف المُستترة)وبعدها ذكر لكل وظيفة بعض المصاديق .

اولاً:الوظائف الظاهرية..منها :

أ/:الإعلام السياسي:واعتبر الكاتب هذه الوظيفة من اهم مُعطيات مجالس العزاء منذ تاسيسها ولحد الآن..وان ذلك الدور لم يكن على نمط ومستوى واحد.فتعددت انماطه بتعدد وتباين مُقتضيات الزمان والمكان.وفقاَ لذلك يمكن تقسيمها السياسي الى اربع مراحل:

المرحلة الأولى :منذ الشهادة وحتى عصر الغيبة الكبرى(61-371ه).

المرحلة الثانية:من فتح بغداد على يد معز الدولة وحتى بدايات حكم رضا خان(334-1350ه ).

المرحلة الثالثة:من العد البهلوي الأول وحتى انتصار الثورة الآسلامية في ايران(1350-1400ه).

المرحلة الرابعة:عصر الثورة الآسلامية(1400ه) ومابعدها.

ب/:صناعة القدوة وفعل الإقتداء.وهذا يتم من خلال

ج/ترسيخ الإعتقاد..من خلال نشر مفاهيم العقيدة بين جموع الحاضرين.

ثانياً:الوظائف المُستترة..وتناول الكاتب في هذه النقطة مجموعة من المصاديق وهي كالتالي..

أ/خلق روح التوافق والإلتحام.ان جتماع مجموعة من الناس واتحادهم في عمل ما بدافع العقيدة سيولد  -لامحالة –وشائج وثيقة بين الافراد ويعزز العلاقات الإجتماعية بينهم.

ب/ تدعيم النظم الأخلاقية.

ج/تثبيت مبادئ المجتمع.

د/ ملء اوقات الفراغ..نقل الكاتب بعض التعريفات العلمية لمفهوم (اوقات الفراغ)منها:

ه/تسكين الآلام الفردية والإجتماعية.

التكنلوجيا ومنصات التواصل الإجتماعي..والتغير المُجتمعي

 

مما لا شك فيه أن الإنسان بطبيعة ميال الى التجديد والبحث عن ماهو غير مألوف.واحتلت التكنلوجيا وما تفرع عنها من النت طفرة وقفزة كبيرة .ساهمت بشكلٍ واخرى في تقليص الزمن وتقريب الجغرافيا.وهذا التقريب الجغرافي  فتح للإنسان نافذة على الثقافات المتنوعة..وهي محط اهتمام وعناية الإنسان ..فيبني اُسس ودعامات جديدة.. او يُشيد بناء آخر على ثقافته الأُم.فدراسة اي تغير يحصل في بنية المُجتمع بسسب هذا التكنلوجيا الرقمية والنت خاصة ..ينبغي أن نحدد هوية المُجتمع اولاً؛فلكل مجتمع واُمة هوية تُشكل معالم فرزه عن الأُمة الأخرى..بعدها نُلاحظ بيانات التغير والتبدل؛فليس كل تغيرمُجتمعي مُستقبح..انما الذي يُعتبر مُستهجن ذاك التغير الذي يُلغي الهوية المعرفية والإجتماعية والقيمة والسلوكية للأمة.

(هل وقع التنافي بين استشهاد الإمام الحسين (ع)..ورسالة الحقوق؟)

 

اُسلط الضوء على ما تناوله احد مدوني منصات التواصل الإجتماعي من شُبهة مفادها (موقف الحسين (ع) من زاوية رسالة الحقوق). وتسائل الكاتب- بعد ان اورد نص مارواه الشيخ الصدوق (رحمه الله) في من لا يحضره الفقيه ج2 ص620-:(أذا كان الأمر ينبغي أن يكون كما تقول فما بال أبيك الحسين بن علي (ع) لم يبايع سلطان زمانه ,وتمرد عليه من خلال الدعوة لتشكيل سلطان ,وبالتالي :تعرض لسخطه ,والقى بيده إلى التهلكة- وفقاً لبياناتك- في المعركة المرعبة التي خرجت منها سالماً لسبب وآخر).واستظهر المدون والكاتب التنافي والإختلاف بين الإمامين (عليهما السلام)؟!.

وفي مقام البحث العلمي لمُعالجة هذه الشبهة -التي لا تصل إلى الإشكال- ومُعالجة شبهة  تصور التنافي بين روايات ومواقف الأئمة المعصومين (عليهما السلام)ولدفع هذه الشبهة- التي لا تصل إلى الإشكال-ينبفي النظر إلى: (سند الرواية.. وتحديد مفاد دلالتها على المُدعى الذي نُريد اثباته). وهنا نتبع الخطوات التالية:

المرحلة الأولى:البحث السندي..ومُلاحظة سند الرواية.وبناءاً على ما افاده الكاتب أنها صحيحة سنُسلم بصحة السند.

المرحلة الثانية: البحث الدلالي متن الرواية ومتن الرواية في اثبات المدعى.فالرواية إما تكون ( نص في المعنى..أو ظاهرة فيه تكون ظاهرة واخرى تكون مجملة). هذا المقطع من رسالة الحقوق ليس نص في المعنى ولا مُجمل.إذن نلاحظ هل هو ظاهر في المعنى الذي استدل به الكاتب على دعواه؟. وبعد التسليم بالظهور هل تثبت له الحجية؟.هذا ما سنناقش به دعواه في الشمول.. وهي كالآتي:

1):يُحتمل أن تكون الرواية صدرت من الإمام  زين العابدين (ع)على نحو التقية ..فتسقط عن الحجية.فالإحتمال العقلائي المُعتد به يُسقط الرواية من الحجية..ومراجعة حياة الإمام زين العابدين (ع) تُثبت هذا الإحتمال.

2)في هذه النقطة نرى: هل المقطع من رسالة الحقوق يمكن أن يُشكل ظهورفي دعوى الكاتب من شموله  لحركة الإمام الحسين (ع ) ضد السلطان؟.

الجواب/ نلاحظ التالي:

 أ/هل هنالك قيد في الرواية يُخرج حركة الإمام الحسين (ع) من الشمول؟..فتكون الرواية شاملة لمعارضة الخروج على السلطان إلا(إذا كان ثائرا على النظام ..أو يكون الخارج على السلطان معصوما..اوبايعته الناس على الطاعة والتسليم).لا يوجد قيد في الرواية ومقطع رسالة الحقوق..فهل هنالك شمول في الظهور؟.

ب/عدم ذكر القيد في الرواية..هل يصلح أن يشكل ظهور في المُدعى الذي يُراد الإستدلال عليه؟.

الجواب/ عدم ذكر القيد إنما يُشكل ظهور في الشمول بشرط: أن نُحرز ان المُتكلم في مقام بيان تمام مُراده من هذه الجهة ( عدم الثورة على السلطان).وهل يُمكن اثبات ذلك في هذا المقطع من رسالة الحقوق؟.

3) نُسلم جدلاً ان الرواية ومقطع رسالة الحقوق ظاهر في الشمول (بعدم الخروج على السلطان)..واننا احرزنا أن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) كان في مقام بيان تمام مُراده من هذه الجهة.ولكن الظهور حجة مالم ترد قرينة على الخلاف .السؤال:هل هنالك قرينة مُنفصلة من خلالها نُلغي حجية الظهور في شمولها لحركة وشهادة الإمام الحسين (ع)؟.

الجواب:نعم توجد قرينة مُنفصلة ألا وهي : الفعل الخارجي وموقف الإمام الحسين (ع) في واقعة الطف.فهو قطعي الدلالة.فيُشكل قرينة مُنفصلة على عدم التسليم بالظهور والشمولية لحركة الإمام (ع)في واقعة الطف الخالدة.

(الشعائر واشكالية اللغو في التكرار)..

 


من ضمن فعاليات ملتقى النصر الثقافي (قراءة في كتاب) وكانت قراءة تحليلية لمقال

انطلق الكاتب من اصل موضوع محقق في علم الكلام ان الله تعالى حكيم ومقتضى الحكمة ان لايصدر منه ما ينافيها..وحين استعرض الخطابات الشرعية والأحكام المتضمنة في بعضها لاحظ حالة شاخصة وماثلة بوضوح ألا وهي التكرار سواء في الأفعال اليومية من الصلوات وصوم شهر رمضان وغيرها من الواجبات ,,وكذلك التكرار للفعل المستحب من قراءة القرائن واحياء الشعائر الحسينية وتكرار بعض الأذكار.فما الفائدة المرجوة من هذا التكرار بعد دفع أن الله تعالى منزه عن لغو؛ كونه قبيح وهو تعالى منزه عن كل قبيح.

وفي طيات المقالة عنون الكاتب عنوان (أن الأفعال الإختيارية مُعللة بالغايات )

بعدها استعرضنا ما تناول الكاتب لجملة من الفوائد المحتملة لتكرار لبيان حكمة التشريع وذكرمجموعة من الفوائد نوردها على نحو الإختصار..

الفائدة الأولى :الذكر يوجد التصورات الضرورية للعلم :في هذه الفائدة يقسم الكاتب الشريعة بقسميها المتمثلين بالمعتقد والفروع تنطلق من ادراك المكلف وعلمه الذي يطرد به الجهل ..فالعلم نوع تصديق متوقف على التصور.فالتكرار في المناسبات الدينية تتمثل في المساهمة في خلق التصورات التي هي مقدمة للعلم.

الفائدة الثانية:الذكر سبب لحصول العلم:في هذه الفائدة استعرض الكاتب ان كلاً من الأصول الإعتقادية والفروع التكليفة  المكونين للشريعة يحتاج الى العلم..ومصدرها ما نجنيه من تفكيرنا أو مطالعتنا أو الإستماع للآخرين وغير ذلك هي الخروج من حالة الجهل الى العلم .وقال الكاتب:ان السر في ذلك أن تصديق النفس بقضية ما يتأثر بجملة من المحفزات الباعثة عليه ؛فليست كل القضايا بديهية ..بل منها ما هو نظري .

الفائدة الثالثة:الذكر سبب طول عمر المعلومة ومانع من نسيانها:

يتناول الكاتب في هذه الفائدة حالة تكوينية لدى الإنسان من أن الحافظة التي يتمتع بها ابناء النوع البشري توجد فيها مرشحة تعمل تلقائيا على حذف كم هائل من المعلومات المكتسبة بواسطة التفكير أو ما يصل اليه عن طريق الحواس .زوهنا قد يتدخل الإنسان أو الشارع المُقدس لقرن المعلومة بخصوصية تطيل من مدتها في الذهن البشري ..واحدى هذه الوسائل التي يتوصل بها الى النتيجة عبارة عن ذكر المعلومة مرة بعد أخرى.   

(فوراق التشريع والتقنين بين الأحكام الوضعية والإلهية..حقوق المثليين أنموذجا).

 


المحور الأول..

يوجد فارق جوهري ومفصلي في عملية التشريع والتقنين بين الإتجاه الوضعي البشري والإلهي..وهذه مُتفرعة على سؤال معرفي مفاده: من له الحق في عملية التشريع وسن القوانين؟.الإتجاه الوضعي ينطلق في عملية التقنين من اصالة الفرد ومحورية الإنسان.واغلب تشريعاته تتحمور حول: تنظيم العلاقات بين الأفراد بأطر قانونية ولا يلحظ فيها التكامل لأساسيات الخِلقة والتكوين.واما الإتجاه السماوي والإلهي: ينطلق من اصل..أن الإنسان مخلوق لله سبحانه وتعالى وأنه تعالى مُدبر بمقتضى ادلة التوحيد في الربوبية.فالتشريع حق فلا مشرع إلا هو.وما تركه الشارع للناس يجوز لهم ان يقرروا ما يرونه مُناسب لهم..وما عدى ذلك يكون المُخالف من البشر مصداق للآيات الثلاثة في سورة المادة..(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُلءك هم لكافرون) الآية 44.( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلءك هم الظالمون) 45.(ومن لم يحكم بما انزل الله فأُؤلءك هم الفاسقون) الآية 47.

مقتضى ذلك يكون هو المالك الحقيقي الذي له صلاحية سن القوانين ولا يحق لغيره اي تقنين مالم يأذن هو بذلك.

تبنت بعض الدول الغربية تقنين قانون حقوق المثليين تحت مُبررات وعناوين لا تصمد امام النقد الموضوعي ..منها :دواعي نفسية ونزعات عند هولاء الأفراد وقد وجدت تلك التشريعات الى مسامع بعض ..مُبرر تحت لائحة الحرية الشخصية.

( وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) التوبة 47.

ونحن امام هذه الدعوات نحتكم الى الموضوعية في جهتين..اثبات ان الحرمة لا تنافي عدله سبحنه وتعالى.. ومن جهة اخرى ماهي الحكمة التي دعت لتشريع المنع.

الجهة الأولى:التي يمكن أن نحتكم إليها..كمعتقدين بالشريعة مُفردة: (استحالة التكليف بغير المقدور).وفق الهرم المعرفي تحتل الأحكام الشرعية المرتبة الأخيرة؛فقِراءة الحكم الشرعي وعملية التقنين من دون مُلاحظة البحث في مرتبة سابقة عن التوحيد والعدل الإلهي وحكمته سبحانه وتعالى في التشريع..عدم معرفة هذه المفاهيم تضع الباحث الموضوعي في متاهات من الوقوف على فلسفة التشريع .إذ من خلال التكليف واصدار لائحة المُقررات الشرعية بالحرمة..يُكتشف أن الفعل المنهي عنه داخل تحت قُدرة الإنسان وتحت اختياره؛للقاعدة العقلية (استحالة التكليف بغير المقدور).والله سبحانه وتعالى عادل لا يظلم احد من عباده.

الجهة الثانية.. بعد ان نفينا أن الحرمة في تشريع حقوق المثليين تنافي العدل الإلهي..نتناول في هذه الجهة.. ماهي الحكمة من تشريع الحرمة؟.

تناولنا في المحور الأول أن تحريم حقوق المثليين لا يتنافى مع العدل الإلهي.في هذا المحور سنتناول الجهة الثانية..وهي بعد اثبات الحرمة ولا مُنافاة لها مع العدل الإلهي ..إذن ماهي الحكمة التي دعت المُقنن والمشرع إلى هذا الحكم؟

الجهة الثانية: حين خلق الله سبحانه وتعالى الأنسان في الأرض جعله الخليفة فيها ..وهذه الخلافة تقتضي مسؤولية كبيرة امام النوع البشري..على مستوى الفرد والنوع.ومن كونه خليفة يستدعي ذلك أن يوفر له مقتضيات بقاءه في الأرض.وأن يرتقي في مضمار العلم والمعرفة والإدراك..والذي يقتضي التواصل في الحياة الإجتماعية التي مُنطلقها (العائلية) ومركزها الأساسي العلاقة بين المرأة والرجل.وبقاء الجنس البشري على الأرض مرهون بعلاقة خاصة بين الرجل والمرأة..هذه العلاقة من جهة توفر له حاجته الغريزة والتكوينية.ولكنها من جهة اُخرى تُحمله مسؤولية (اي العائلة وما يلحق بها).فيتخلى بعض عن المسؤولية ويكون البديل عن العائلة عند الإنسان..العلاقات غير الشرعية ولو مع ما شابهه في المُماثلة بالجنس(المثليين).فإذا فُتح المجال امام هذا المُستنقع تمكن من توفير حاجته الغريزية وتخلص من مسؤولية الأسرة والعائلة.وهذا بالتالي سيؤدي الى تفويت الغرض والهدف الإلهي من التكاثر وانتشار البشرعلى الأرض..فضلا عن حالت الفراغ العاطفي وما يلحقها ويترتب عليها من تبعات نفسية.

فالشارع المقدس بالوقت الذي يريد أن يُحقق غرضه من خلق الإنسان وتناسله في الأرض؛لبقاء النوع البشري والإرتقاء المعرفي .سد المنافذ الأخرى التي لا توصله الى الغرض والمُراد الإلهي.   

(التعايش السلمي ..مع اتباع الشرائع السماوية )

 تناول السيد الشهيد محمد باقر الصدرفي تقريرات السيد محمود الهاشمي (رحمهما الله تعالى وقدس ارواحهم الزكية) ج6 ص94,في مبحث الإستدلال بالأخبار على قاعدة الإستصحاب ,رواية صحيحة السند.. وعبر عنها بصحيحة عبدالله بن سنان.. قال: (سأل أبي أبا عبدالله (ع) وانا حاضر: إني أعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده علي,فأغسله قبل أن أصلي فيه؟

فقال أبو عبدالله (ع) :صل فيه ولا تغسله من اجل ذلك ,فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجس ,فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه).وسائل الشيعة ج3ص1095ح1.

هذه الرواية والتي ساقها السيد الشهيد(رحمه الله) وإن كانت في مقام اثبات قاعدة في الأصول العملية لعلم اصول الفقه ..ولكن بالدلالة الإلتزامية ومن تقرير الإمام (ع) للسائل وعدم نهيه من التعامل مع صاحبه الكتابي..نستظهر أن هنالك سيرة للمُتشرعة من اصحاب الأئمة(عليهم السلام)بالتعامل والتعايش الإنساني مع اصحاب الشرائع السماوية الآخر,وقد اقرها الإمام (ع) وامضاها.

(التناوب في ريادة المجتمع الإنساني ..بين المدارس الفكرية)

 

تحتل الأفكاروالنظريات سلم اولويات الإنسان حين تكون قريبة من واقع حياته وذات تماس مباشر فيها...وللأفكار والنظريات ابعاد مُهمة يسعى الإنسان لتفكيكها معرفيا وتحليلها ونقدها للوقوف على مرتكزاتها .. ومن اهما:

 اولاَ:النشأة والتكوين.

الثاني: مجال التطبيق ومقبوليتها لدى المجتمع كنظام ومدرسة فكرية تُنظم حياة الإنسان ..وهذه المقبولية هي الأخرى تعتمد على اسباب ودواعي كما للنشوء والتوالد..وقراءة تاريخية فاحصة يجد الباحث والناقد التناوب بين المدارس الفكرية من بزوغ شمس احدها في المجتمع البشري..وزوال وافول الأخرى.وهذا الوجود للمدرسة الفكرية الجديدة يعتمد على عدة اسباب ودواعي اهلتها للهيمنة على سابقتها.. منها: استجابتها لرغبات الإنسان المادية والنفسية.

هنالك دعوى مفادها:أن الليبرالية والنظام الراسمالي بصورته الحالية هي خاتمة المدارس الفكرية والنهاية التاريخية وموت كل مدرسة سبقته. هذه الفرضية والدعوى غير تمامة؛بناءا على ما تناولته مصادر المعرفة الإسلامية من عودة الريادة لها في المُجتمع العالمي من جديد..فقبول ومقبولية المجتمع الغربي لهذه المدرسة الإسلامية..وما يحمله(المجتمع الغربي) من تراكم معرفي تجريبي لنظريات السابقة ..يدعم ويؤيد اضمحلال المدرسة اليبرالية بصيغتها المداولة .