الأحد، 14 مايو 2017

التفاوت بين الأفراد في عملية إستحقاق العقوبة والجزاء ..المنشأ والأسباب..

الجزاء والإستحقاق والذي يصدر من الخالق العظيم على فعل من عباده عند المُخالفة للتكاليف الشريعة.. هو ليس حالة من التشفي بهم ..بل هو من محبوبيته لهم ؛لانه سبحانة وتعالى يُريد ان يوصلهم الى مصالحهم ويُبعدهم عما فيه مفاسدهم ..وهذا مُنسجم مع النظام العُقلائي في التربية ..بل العقل هو الحاكم بأصل استحقاق العقوبة عند المُخالفة وقد يحكم بمقدارها ايضاً.
ومن خلال مُراجعة المنظومة الإسلامية في عملية التشريع بإستحقاق العقوبة عند المُخالفة نجد فيها تفاوت في الإستحقاق بين الأفراد والأشخاص .فما هو المنشأ والسبب لهذا الإختلاف ؟
 والجواب : ضمن النقاط التالية :
1)منشأ التفاوت ناشئ من اختلاف المصلحة والمفسدة في المفاهيم ..اي ان الشدة والضعف تلحظ بلحاظ مُتعلق الحكم ونوعه ..فالتفاوت نوعي ومثاله الكذب والغيبة فكلاهما ذنب ومُخالفة شرعية ولكن استحقاق العقوبة بإرتكابهما مُختلف..فهذا المفهوم يكون اشد في ترتب اثره في العقوبة بلحاظ المفهوم الآخر.فيكون منشأ الإختلاف في الشدة والضعف في مفهوم ونوع المُخالفة.
2)إختلاف العقوبة والجزاء في الشدة والضعف حين الإستحقاق لا يكون منشأه التفاوت المفهومي ومُتعلق الحكم ..بل في نفس المفهوم الواحد المُرتكب  تكون مراتبه مختلفة ومُتفاوتة ..فالمُلاحظ فيه هو طبيعة الشخص والفرد بلحاظ الموانع التي تؤهله لعدم الوقوع في المُخالفة ..ولكنه يُخالف ويتجاوز كل هذه المصدات والموانع ويرتكب العمل ..فهذا التفاوت يكون بلحاظ الدافع للفعل والعمل المُحرم والموانع التي تحول دون تحققه في الأفراد ..ومثاله كالسرقة فهي محرمة فالمفهوم واحد فلماذا التفاوت في العقوبة والتي تلحظ بلحاظ الأفراد؟! والجواب : الموانع التي تتوفر في الأنسان المُرتبط بمنظومة قيمة تكون هذه الموانع والمصدات جدار حماية تؤهله وتوفر له السُبل من عدم ارتكاب المُخالفة..وكذلك الشخص الثري فحاجته لسرقة المال تكاد تكون معدومة وان توفر المُقتضي والدافع النفسي ..ولكن المانع والمصد يحول دون هذه السرقة على عكس الفقير والمُعدم..وكذلك التشديد في العقوبة على الرجل الكبير في السن برتكاب بعض الموبقات على عكس الشاب ؛فالمانع هنا في الشيخ اقوى منه في الشاب .
3)التفاوت والإختلاف في الإستحقاق لا بلحاظ المفهوم ولا بلحاظ المقتضي والمانع لدى الأفرد ..وإنما تُلحظ خصوصية الشدة والضعف في الجزاء بلحاظ مفسدة تتعلق بالآخرين ؛ لخصوصية في الفاعل والمُرتكب للمُخالفة والجناية ؛وذلك للبُعد النفسي والغريزة المركوزة في اعماق الإنسان للإقتداء بمن له بعض الملكات والخصائص سواء كانت هذه الخصائص واقعية أومن نسيج مُخيلة الإنسان بالتعدي والمُماثلة ..ولكن من حيث النتيجة النهائية يوجد تأثيرواقتداء بهذه الشخصية ..ومثاله التطبيقي زوجات الرسول الأكرم (ص)..حيث ورد الخطاب القراني لهن.. قال تعالى ( يا نساء النبي من يأتِ منكُن بفاحشة ٍ مُبينة ٍ يُضاعف لها العذاب ضِعفين وكان ذلك على الله ِ يسيراً)الأحزاب 30.
وبناءا على ان المورد لا يُخصص الوارد قد يُتعدى لكل شخص يمتلك خصوصية ذات تأثير اجتماعي اوسياسي  اوديني..بل قد يكون في نفس الأسرة والعائلة وما يُمثله احدهم في التأثير على الباقين من افراد عائلته والذي يكون مورد للإقتداء والمُحاكاة في افعاله وتصرفاته.