الثلاثاء، 15 سبتمبر 2020

(البكاء على الإمام الحسين (ع) في تراث مدرسة أهل البيت..والجزاء المُترتب عليه).



المحور الأول: مقدمة تأسيسية..
تناولت مصادر المعرفة الإسلامية من روايات أهل البيت (عليهم السلام) الحث على إحياء مراسيم عاشوراء وذكرى شهادة الإمام الحسين (ع) ومنها:النوح والبكاء..ورتبت على ذلك الأجر الكبير.مما سبب لدى بعض المحققين اضطراب مفاده:هل هذه الروايات صدرت فعلاً من المعصوم (ع)..او أنها ليست مطلقة من الناحية الزمانية..بل لها ظرفها الخاص - بعد التسليم بصحة الصدور-..أو أنها مطلقة وغير خاضعة لمتغيرات الزمن؟.
هذا ما سنتناوله لاحقاً في عرض تحليل هذه النظريات في روايات البكاء على سيد الشهداء (ع).
اما هنا سنُقدم مُقدمة لنص ذكره الشهيد مرتضى مطهري (رحمه الله) في فلسفة البكاء.
[...يُخطئ من يظن أن البكاء ظاهرة سلبية تنم دائما ً عن مشاعر الحزن والألم...البكاء والضحك مظهران لأشد حالات إثارة العواطف البشرية. والبكاء يُرافق عادة نوعاً من الرقة.. فدموع الشوق والحب معروفة للجميع وفي حالة البكاء وما يصحبه من الرقة وهياج المشاعر يشعر الإنسان بقربه من حبيبه الذي يبكي عليه اكثر من أي وقت آخر...والبكاء له – على الأكثر- طابع (الخروج من أغلال الذاتية) ..وطابع نكران الذات والذوبان في ذات المحبوب...البكاء على الحسين(ع) يصون بقاء هذه الجذور العاطفية في النفوس.. ويصونها من الضعف والزوال.ومن هنا نفهم حكمة توصيات أئمتنا في البكاء على الحسين (ع)] .
رؤى جديدة في الفكر الإسلامي ج١، ص٢٩١.
المحور الثاني: تأصيل قاعدة قرآنية..
قبل أن نتناول نظريات الجزاء والثواب المُترتب حول البُكاء على الإمام الحسين (ع) ..والتي انقسمت إلى:رافضة لهذا الجزاء الكبير ومُشككة في صحة صدورها..وبين من حددها بفترة خاصة ولم يشملها الإطلاق الزماني..وبين من قال أنها مُطلقة وغير مُقيدة بزمن خاص.في هذا (المحور الثاني) وعلى نحو الإختصار نسليط الضوء بعرض نظرية قرآنية ألا وهي:(نظرية تكفير السيئات). إذ تناولها الشيخ كاظم القره غولي في كتابه:(الذنوب..موجبات التشديد عليها وآثارها التكوينية العامة).وهذه النظرية يُثبت من خلالها سماحة الشيخ القره غولي أن هنالك حسنات تقوم بمحو السيئات.
نختصرها بالشكل التالي:
١)تعريف التكفير لغة واصطلاحا.
٢)الأدلة القرانية على النظرية:في هذه النقطة تم عرض الأدلة النقلية من القرآن الكريم.وعدم صلاحية (العقل والإجماع)من الإستدلال عليها؛لأن العقل لا مجال له إلا إدراك ثبوت الواجبات وامتناع المُحالات.والتكفير الذي دلت عليه الأدلة النقلية ليس واجباً على الله تعالى بل هو منّة وتفضل منه.واما الإجماع :فإنه لا يجري في هذا المقام ونظائره ؛لأن الإجماع عبارة عن الإتفاق في الفتوى الكاشف جزماً عن ثبوت الحكم الشرعي ..ولا حكم شرعياً في المقام ليفتي به الفقهاء.ولغرض الإختصار سأذكر الآيات القرانية والسور التي وردت فيها:
(هود الآية١١٤,النساء ٣١, البقرة٢٧١, المائدة١٢,التغابن٩,الطلاق٥,المائدة٦٥,محمد٢,الفتح٥).
٣)هل نظرية تكفير السيئات..تُنافي المُعتقد؟.اجاب سماحة الشيخ القره غولي..أنه لا مُنافاة..بل لا بد أن نعتقد بأن احكام الله تعالى تنطلق من أنه عادل حكيم ليس في أفعاله وأحكامه إلا الحق ..والعقل حاكم بذلك.
٤) مُعالجة إشكالية أن هذا التكفير عن السيئات يُشكل نوع من الإغراء للوقوع في الذنب ..فـأنه سيفعل الذنب ويبني على تكفيره بالفعل الحسن؟.هذه الإشكالية والجدلية سنتناول مُعالجة الكاتب لها في المحور الثالث عند الرد على بعض نظريات ترتب الجزاء على البُكاء.
فأية مُشكلة بعد ذلك في أن يتفضل الله تعالى على عبد خاص أو على جميع عباده بأن يفتح لهم باب رحمة من خلال جعل نوع سببية بين بعض الطاعات وتكفير وستر الذنوب أو بعضها ..ويُخبرنا بتلك السببية؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق