الاثنين، 14 سبتمبر 2020

(فوراق التشريع والتقنين بين الأحكام الوضعية والإلهية..حقوق المثليين أنموذجا).

 


المحور الأول..

يوجد فارق جوهري ومفصلي في عملية التشريع والتقنين بين الإتجاه الوضعي البشري والإلهي..وهذه مُتفرعة على سؤال معرفي مفاده: من له الحق في عملية التشريع وسن القوانين؟.الإتجاه الوضعي ينطلق في عملية التقنين من اصالة الفرد ومحورية الإنسان.واغلب تشريعاته تتحمور حول: تنظيم العلاقات بين الأفراد بأطر قانونية ولا يلحظ فيها التكامل لأساسيات الخِلقة والتكوين.واما الإتجاه السماوي والإلهي: ينطلق من اصل..أن الإنسان مخلوق لله سبحانه وتعالى وأنه تعالى مُدبر بمقتضى ادلة التوحيد في الربوبية.فالتشريع حق فلا مشرع إلا هو.وما تركه الشارع للناس يجوز لهم ان يقرروا ما يرونه مُناسب لهم..وما عدى ذلك يكون المُخالف من البشر مصداق للآيات الثلاثة في سورة المادة..(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُلءك هم لكافرون) الآية 44.( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلءك هم الظالمون) 45.(ومن لم يحكم بما انزل الله فأُؤلءك هم الفاسقون) الآية 47.

مقتضى ذلك يكون هو المالك الحقيقي الذي له صلاحية سن القوانين ولا يحق لغيره اي تقنين مالم يأذن هو بذلك.

تبنت بعض الدول الغربية تقنين قانون حقوق المثليين تحت مُبررات وعناوين لا تصمد امام النقد الموضوعي ..منها :دواعي نفسية ونزعات عند هولاء الأفراد وقد وجدت تلك التشريعات الى مسامع بعض ..مُبرر تحت لائحة الحرية الشخصية.

( وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) التوبة 47.

ونحن امام هذه الدعوات نحتكم الى الموضوعية في جهتين..اثبات ان الحرمة لا تنافي عدله سبحنه وتعالى.. ومن جهة اخرى ماهي الحكمة التي دعت لتشريع المنع.

الجهة الأولى:التي يمكن أن نحتكم إليها..كمعتقدين بالشريعة مُفردة: (استحالة التكليف بغير المقدور).وفق الهرم المعرفي تحتل الأحكام الشرعية المرتبة الأخيرة؛فقِراءة الحكم الشرعي وعملية التقنين من دون مُلاحظة البحث في مرتبة سابقة عن التوحيد والعدل الإلهي وحكمته سبحانه وتعالى في التشريع..عدم معرفة هذه المفاهيم تضع الباحث الموضوعي في متاهات من الوقوف على فلسفة التشريع .إذ من خلال التكليف واصدار لائحة المُقررات الشرعية بالحرمة..يُكتشف أن الفعل المنهي عنه داخل تحت قُدرة الإنسان وتحت اختياره؛للقاعدة العقلية (استحالة التكليف بغير المقدور).والله سبحانه وتعالى عادل لا يظلم احد من عباده.

الجهة الثانية.. بعد ان نفينا أن الحرمة في تشريع حقوق المثليين تنافي العدل الإلهي..نتناول في هذه الجهة.. ماهي الحكمة من تشريع الحرمة؟.

تناولنا في المحور الأول أن تحريم حقوق المثليين لا يتنافى مع العدل الإلهي.في هذا المحور سنتناول الجهة الثانية..وهي بعد اثبات الحرمة ولا مُنافاة لها مع العدل الإلهي ..إذن ماهي الحكمة التي دعت المُقنن والمشرع إلى هذا الحكم؟

الجهة الثانية: حين خلق الله سبحانه وتعالى الأنسان في الأرض جعله الخليفة فيها ..وهذه الخلافة تقتضي مسؤولية كبيرة امام النوع البشري..على مستوى الفرد والنوع.ومن كونه خليفة يستدعي ذلك أن يوفر له مقتضيات بقاءه في الأرض.وأن يرتقي في مضمار العلم والمعرفة والإدراك..والذي يقتضي التواصل في الحياة الإجتماعية التي مُنطلقها (العائلية) ومركزها الأساسي العلاقة بين المرأة والرجل.وبقاء الجنس البشري على الأرض مرهون بعلاقة خاصة بين الرجل والمرأة..هذه العلاقة من جهة توفر له حاجته الغريزة والتكوينية.ولكنها من جهة اُخرى تُحمله مسؤولية (اي العائلة وما يلحق بها).فيتخلى بعض عن المسؤولية ويكون البديل عن العائلة عند الإنسان..العلاقات غير الشرعية ولو مع ما شابهه في المُماثلة بالجنس(المثليين).فإذا فُتح المجال امام هذا المُستنقع تمكن من توفير حاجته الغريزية وتخلص من مسؤولية الأسرة والعائلة.وهذا بالتالي سيؤدي الى تفويت الغرض والهدف الإلهي من التكاثر وانتشار البشرعلى الأرض..فضلا عن حالت الفراغ العاطفي وما يلحقها ويترتب عليها من تبعات نفسية.

فالشارع المقدس بالوقت الذي يريد أن يُحقق غرضه من خلق الإنسان وتناسله في الأرض؛لبقاء النوع البشري والإرتقاء المعرفي .سد المنافذ الأخرى التي لا توصله الى الغرض والمُراد الإلهي.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق