السبت، 29 أبريل 2017

قبس من دائرة الأعتقاد..خصائص الإمام ومنهجية اثباتها .

قال الله تعالى في مُحكم كتابه الكريم: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ) سورة البقرة 253.
توجد مسألتان مُتداخلتان في خصائص اهل البيت (عليهم السلام ) ينبغي التفريق بينهما وهما:
الأولى :اثبات صفات وخصوصيات بنفس دليل  ومقام العصمة ففي حالة ثبوتها لأحدهم (سلام الله عليهم ) بنفس مقام ودليل العصمة يمكن اثباتها من الناحية البرهانية للآخر منهم وبغض النظر من عدم وجود دليل خاص عليها للآخر.فهذه الخصوصية وإن انفرد بها احدهم ولكن لا اشكال من التعدي لمن ثبتت عصمته منهم؛لأنها ثابتة بنفس مقام العصمة فهي من ملازماتها بناءا على ان المُراد من العصمة هو العلم والذي ذهب اليه السيد الطباطبائي ..وحكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد.
ثانيا:هنالك خصائص اختص بها بعضهم (سلام الله عليهم )هذه الخصائص لا يمكن التعدي بها لغيره؛لأنها ليست من المُماثل التي يمكن تسريتها  لمن ثبتت عصمته.
منها على سبيل المثال لا الحصر..من تفضيل امير المؤمنين علي (عليه السلام) على سائر الأئمة من ولده على الرغم من عصمتهم جميعا.وما ورد ايضا من تفضيل الإمام المهدي (عجل الله فرجه )على آبائة الثمانية.وخصوصية الشفاء بتربة الإمام الحسين (عليه السلام ) دون غيره من المعصومين. 
واما دعوى عدم المُغايرة بين المقامين ..ولايوجد اشكال من اثبات تلك الخصوصيات لهم عن طريق العقل والأدلة العامة وعدم الحاجة للأدلة الخاصة..هذه الدعوى  غير تام من الناحية البرهانية والمنهجية ..وذلك:
1)عدم تمامية الدليل العقلي لإثبات هذه الخصائص ؛ فالمنهج العقلي مساحته ودائرة عمله الكبرويات والكليات ..وما نحن بصدده هو امر وقضية جزئية .
قد يرد اشكال مفاده :أن البرهان والمنهج العقلي وإن لم يتمكن من اثبات هذه الجزئيات والخصائص ..ولكن له القدرة على اثباتها تحت عنوان كلي وبعدها نُثبت ما يتفرع منها ويلازمها.
هذا الإشكال مردود ؛وذلك لوجود ادلة لفظية فرقت وميزت بعض المعصومين عن بعض في الدرجات والخصائص والآية الشريفة دليل على ذلك .
2)الأدلة اللفظية من الأيات الشريفة التي نُثبت بها عصمتهم (عليهم السلام )..فهي بمفردها غير تامة لإثبات هذه الخصوصيات لهم (سلام الله عليهم ) فمقتضى كبرى الدليل القراني في إثبات العصمة غير كافي .فإبراهيم (عليه السلام) كان معصوم..قال تعالى في مُحكم كتابه العزيز(وإذا ابتلى إبراهيم ربُه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلُك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة 124.فإبراهيم عليه السلام كان نبي ورسول ومعصوم ..وقد نال هذا المنصب والخصوصية في اواخر حياته فلا مُلازمة بين كونه معصوم وتحقق هذه الخصوصية .
اذن ما هو الدليل والمنهج الذي يمكن الإستناد اليه لإثبات هذه الخصوصيات ؟
الدليل والمنهج هو الروايات الخاصة والتي اشارت او صرحت بهذه الخصائص والخصوصيات .
قد يرد تساؤل مفاده : هل يُشترط في اثبات هذه الخصوصية لأحدهم (عليهم السلام) أن تكون الرواية مُتواترة وقطعية الدلالة والسند..وكما هو ثابت في اثبات أصول الإعتقاد ..ام لا يشترط ذلك  ويُكتفى بحجية التعبد بالظن وخبر الآحاد؛ كون ما نحن بصدده هو من تفاصيلها وفرعياتها وليست من الأصول الإعتقادية؟.
وفي مقام الجواب نقول :هذا خلاف مبنائي في المدرسة الأصولية لأتباع اهل البيت (عليهم السلام) فذهب بعضهم لعدم صلاحية هذا المنهج الظني في حجية خبر الآحاد على اثبات التفاصيل كما هو الحال في اصول العقيدة ايضا؛حيث ان الدليل قام على التعبد وحجيته في فروع التكليف ..أما التعدي به -الدليل الظني الحجة- لتفاصيل العقيدة فغير ممكن؛وذلك لأننا في العقيدة نحتاج الى عقد القلب على مؤدى الدليل ومُطابقته للواقع ..اما في فروع التكليف فيكفي عقد القلب والإطمئنان على نفس الدليل ولا يشترط على مؤدها ؛لأننا لا نبحث عن احراز الواقع والمطابقة ؛بل نكتفي بالحجية الظنية ( التعذير والتنجيز) في مقام العمل بظاهر الدليل بعد إتمام مراتبها من السند والدلالة  فيه.. سواء طابق هذا الدليل الظني الحجة الواقع أو لم يطابقه .
وهناك مبنى ورأي آخر يستند الى الحجية الظنية في اثبات تفاصيل الإعتقاد .وقد تبنى ولعله المشهور بين المُتأخرين من الأوصوليين حجية الدليل الظني في اثباتها ..وهذا ما انتهت اليه بحوث المُتأخرين منهم كما يُنقل عن البعض.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق